
لا بد من حماية النسيج الوطني والمجتمعي والسلم الأهلي ، بقلم : راسم عبيدات
الحرب على شعبنا تشتد وتتوسع، قضية وحقوق ووجود ووعي، ناهيك عن الخراب الداخلي، فهناك خشية ان يتسع الفتق على الراتق، وهذا ما نراه ونلمسه من حجم الخراب، حيث هناك أدوات ومليشيات تدفع باتجاه تفكيك وتفتيت المجتمع الفلسطيني، واختراق جدران حمايته المجتمعية والوطنية، عبر تسعير الخلافات العشائرية والحمائلية، والقائمة على ” الفزعات، وتحويل أي خلاف شخصي بين شخصين والباسه ثوب العشائرية وثوب الجهوية والطائفية، وكذلك نجد هناك من يعملون على التعدي على حقوق الناس واملاكهم وممتلكاتهم وفرض الإتاوات والخاوات عليهم، وبث ثقافة اليأس والإحباط بين صفوف الناس، ودفعهم الى خيارات غير وطنية، تخدم المشاريع المعادية، ويبدو بأن السلاح المشبوه وسلاح “الطوش” والزعرنه والبلطجة، بات ينتشر انتشار النار في الهشيم، وبه يجري بث تهديد الناس، وبث الرعب والخوف في صفوفهم ،وبه تستسهل أيضاً عمليات إطلاق النار والقتل. وحواضن تلك المليشات والعصابات المنتفعة من حالة الفلتان ،موجوده في العشائر وحتى لها حواضن أمنية وسياسية .
تفكك وانهيار الجبهة الداخلية،هو أخطر من الإحتلال واستمرار وجوده، فهذه الجبهة تسقطنا من الداخل ،وتفقدنا لحمتنا ووحدتنا وتفككنا وطنياً ومجتمعاً.
ولذلك معركة حماية الوجود والنسيج المجتمعي،هي معركة اساسية،يجب ان يتجند فيها الجميع،وتوظف فيها طاقات وامكانيات كبيرة،ولا بد من مساءلة ومحاسبة ونزع للغطاء عن تلك الجماعات،وحيثما أمكن تطبيق القانون،فلتكن الأولوية لتطبيقه،وفي المناطق التي يتعذر فيها تطبيق القانون، يجري الإستعانة برموز عشائرية ووطنية وشخصيات اعتبارية دينية ووطنية مشهود لها بالكفاءة والنظافة المالية ،وللأسف تسللت الى مؤسسة رجال الإصلاح المخلصين، أناس مدفوعين بمصالحهم،وحولوا عملية الإصلاح ووأد الفتن الى تجارة “ورزقة”،حيث ينتصرون للظالم والمعتدي على حساب المظلوم والمعتدى عليه،اذا ما دفع لهم المال و”أكرمهم”.
اذا فقدنا مناعتنا الداخلية،وتفكك نسيجنا المجتمعي، على غرار ما يطرحه المستشرق والأكاديمي الجامعي الإسرائيلي مردخاي كيدار أنه من الضروري العمل على إنهاء وتفكيك وجود السلطة الفلسطينية، والإستعاضة عنها بسلطة العشائر “الأقاليم السبعة”، أي تقسيم الضفة الى سبع محافظات،وكل محافظة تتحكم فيها العشائر الكبرى،وتكون مربوطة بجهاز الإدارة المدنية الإسرائيلية،والتي نزعت صلاحيتها لصالح حكم عسكري للضفة الغربية يقوده وزير المالية الإٍسرائيلي المتطرف سموتريتش.
نعم سنكون أمام مخاطر جدية وحقيقية، اذا ما تمكنت تلك الجماعات أن تفرض نفوذها وسطوتها على المجتمع،ولذلك يجب العمل على محاصرة مثل هؤلاء الأفراد وتلك الجماعات،وتفكيك بناها وهياكلها،والجميع مطالب بالتجند في هذه المعركة،فهي واحدة من معارك الوجود وحماية المشروع الوطني .
شعبنا يمر في ادق واخطر مراحلة،والمخاطر محدقة به كبيرة جداً الى درجة السعي لإقتلاعه بشكل كلي من ارضه ووجوده،والحلف المعادي لا يتورع عن استخدام كل الطرق والوسائل من أجل تنفيذ مشاريعه ومخططاته في هذا الإطار.
فهناك من يقول بأنه لا يوجد شعب فلسطيني وهذا اختراع عمره أقل من مئة عام،وهناك من يعرض خرائط لدولته،سواء على موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية،او من خلال دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة ،الدورتين 78 و 79،تجردنا من كافة حقوقنا،وتجعل منا تجمعات سكانية ليس لها اية حقوق وطنية سياسية ومجردة من هويتها وقوميتها،وحدود دولة الإحتلال لا تشمل فقط فلسطين التاريخية،بل اجزاء من الأردن وسوريا ولبنان والعراق وصولاً لمصر والسعودية.
لعل المبادرة التي أطلقتها محافظة القدس ، لتعزيز وحماية البنية المجتمعية والسلم الأهالي وتحصينهما ،تشكل مبادرة هامة في هذا الإتجاه،تحتاج الى الرعاية والمتابعة والعمل الدؤوب،فنحن ندرك بأن الطرق غير سالكة والطاقات والإمكانيات والقدرات التي تضخ وتبذل وتتجند في هذه المهمة،يقف في طريقها عراقيل كثيرة من قبل الإحتلال، الذي همه الأساس بقاء مجتمعنا مفككاً ” تنهشه” وتمزقه الخلافات الأسرية والعشائرية والقبلية،ويغرق في مستنقع الأمراض المجتمعية،مثل المخدرات والإنهيار القيمي والأخلاقي،وتغليب الهم الشخصي على الهم العام،وكذلك المنتفعين والمستفيدين في الداخل من مثل هذا التفكك والإحتراب العشائري والقبلي ،سيضعون العصي في الدواليب،لكي لا تنجح مثل تلك المبادرات،ولكي يبقى المجتمع في دوامة العنف والإحتراب الداخلي،دون ان يلتفت الى حقوقه الوطنية والسياسية.
المنتفعون من الباطل كثر،ولكل له اهدافه ومخططاته،ولذلك لن يمدوا أيديهم،من أجل تعزيز لحمة ونسيج المجتمع،ومنع تشرذمه وتفككه وإنقسامه،ولكن عندما يتجند كل أهل الخير وتكون هناك ادوات مخلصة ومؤتمنة،فهي حتماً ستنجح في أن تخلق واقعاً جديدا،يشعر فيه ابناء شعبنا على مختلف مكوناتهم بالأمن والأمان والإطمئنان ،وعلى رأي المفكر والقائد الثوري العظيم ماوتسي تنغ” خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة ” ،وكذلك نردد ونقول “ان تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام”.
الجميع مطالب أن يقف أمام مسؤوليته في حماية النسيج المجتمعي ،وكذلك حماية السلم الأهلي،عبر عملية متكاملة من البيت والأسرة الى المدرسة والجامعة والمؤسسات الدينية والأهلية والمجتمعية،والقوى والأحزاب والمرجعيات الرسمية في السلطة من محافظة ووزارة وأجهزة أمنية وشرطية وغيرها.