
الأخت والصديقة دعاء نظام عمريه ، صديقةٌ كالألماس وبريقٌ لا يخفت ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
هناك أشخاصٌ يدخلون حياتنا كضوء الشمس في صباحٍ بارد، يبعثون فينا الدفء، وينيرون دروبنا بحبهم وصدقهم، يتركون بصماتهم نقيةً وخالدة، لا تمحوها الأيام، ولا تغيرها الظروف. ومن بين هؤلاء، كانت الأخت والصديقة دعاء عمريه، التي لم تكن مجرد صديقة عابرة، بل كانت سندًا، ورفيقة دربٍ، وإنسانةً تجسّد في كل تفاصيلها معنى الوفاء الحقيقي.
صداقةٌ بدأت في رحاب العلم وتألقت في سماء الإخلاص
عرفتُ دعاء عمريه أثناء دراستي لدرجة الماجستير في جامعة النجاح الوطنية، في وقتٍ كان فيه العلم دربًا مليئًا بالتحديات، والمسيرة الأكاديمية تحتاج إلى رفيقٍ صادقٍ يُخفف وطأة المشوار. كانت دعاء أشبه بنورٍ في طريقٍ مظلم، صديقةً صادقة، قلبها يتّسع للجميع، وعقلها يحمل من الحكمة ما يجعلها أقرب إلى المعلمة منها إلى الزميلة.
كانت مختلفة، في عالمٍ يختبئ فيه البعض خلف ستائر الغموض، يخشون مشاركة المعرفة خشية الحسد أو المنافسة، لكن دعاء كانت تؤمن أن العلم نورٌ كلما تقاسمه الإنسان ازداد إشراقًا، وأن القمة لا تضيق بأهلها، بل تتسع للجميع.
روح التعاون.. وسرّ النجاح المشترك
لم تكن دعاء مجرد زميلة دراسة، بل كانت شريكة نجاح، ندرس معًا، نلخّص المحاضرات، ونتبادل الأفكار كما لو كنا نغزل معًا ثوب المعرفة بخيوط من الجهد والوفاء. لم تكن أنانية، ولم تعرف يومًا معنى الاحتكار، بل كانت ترى أن العلم رسالة، وحب الخير للآخرين واجبٌ لا تهاون فيه.
كم هو جميلٌ أن تجد صديقًا لا يخشى أن يراك تتقدم، لا يحاول أن يخفي عنك طريق النجاح، بل يسير بجانبك، يمد لك يده، ويضيء لك الطريق. في وقتٍ كان البعض يفضلون العمل بصمت، ويخشون من مشاركة الآخرين خوفًا من المنافسة أو الحسد، كانت دعاء كريمةً بعلمها، معطاءةً بروحها، تؤمن أن الخير كالشمس لا يحتكر ضياؤه أحد، وأن النجاح الذي يُبنى على التعاون أعمق وأجمل من النجاح الفردي.
الصداقة الحقيقية.. كالجوهرة النادرة
تمر الأيام، وتتغير الظروف، وتذبل بعض العلاقات كما تذبل أوراق الخريف، لكن هناك صداقاتٌ كالألماس، تزداد لمعانًا مع الزمن، ولا تفقد بريقها مهما مرّت عليها السنون، وهكذا كانت علاقتي بدعاء. لم تكن مجرد زميلة التقينا بها في مرحلةٍ عابرة، بل كانت أختًا تظل ذكراها مضيئةً كضوء القمر في ليالي العمر.
الأثر الذي لا يزول
قد لا نتمكن دائمًا من رد الجميل، لكننا نستطيع أن نقول “شكرًا” من أعماق قلوبنا، شكرًا لأنكِ كنتِ نورًا في طريقي، لأنكِ كنتِ مثالًا للصداقة النقية، والعطاء الصادق، والروح التي تُشع حبًا وخيرًا.
شكرًا دعاء، لأنكِ كنتِ وما زلتِ رمزًا للوفاء، وشكرًا لأنكِ جعلتِ من الصداقة درسًا خالدًا في الحب النقي، ومن العلم رسالةً تُهدى بحب، ومن التعاون جسرًا نحو نجاحٍ مشتركٍ لا ينطفئ.
إنما الإنسانُ أثر، وأثركِ سيظل خالدًا مدى العمر، يشهد عليه كل من عرفكِ وأحبكِ، وامتدت إليه يدكِ البيضاء.