
الأستاذ الفاضل نائل العمور “أبو محمد” القائد الحكيم وأثره الطيب الذي لا يزول ، بقلم: د. تهاني رفعت بشارات
هناك أشخاص لا يمرون في حياتنا مرور العابرين، بل يتركون بصمة عميقة كضوء الفجر الذي يبدد عتمة الليل، وكالمطر الذي يروي عطش الأرض، وكالظل الوارف الذي يمنح الراحة والتوازن لكل من حوله. ومن بين هؤلاء الذين كتبوا أسماءهم في سجل الوفاء والصدق والنبل، الأستاذ نائل العمور (أبو محمد)، الإنسان الذي يحمل قلبًا من نور، وخلقًا من ذهب، وعقلًا منيرًا يؤمن بأن النجاح الحقيقي لا يكون إلا بالعطاء الصادق والمستمر.
القائد المتواضع.. والقدوة في الإدارة الحكيمة
عرفت الأستاذ نائل العمور خلال عملي في مدرسة الإيمان الثانوية الخاصة ،حيث كان المدير الذي لا يعرف التسلط، بل يجيد فن القيادة بالحكمة، والإرشاد بالحسنى، والاحتواء بروح الأب والأخ قبل أن يكون مديرًا. كان مثالًا يُحتذى به في التواضع والاحترام، رجلًا لا يرفع صوته ليأمر، بل يرفع همم من حوله ليبدعوا، لا يُلقي الأوامر، بل يُشجع الأفكار، ولا يفرض سلطته، بل يُلهم من حوله ليكونوا أفضل.
لم يكن مجرد إداري، بل كان قلب المدرسة النابض، وعقلها المنظم، وروحها التي تمنح الجميع الثقة والإيجابية، كان يجسد بحضوره معنى الالتزام والانضباط دون أن يفقد دفء الإنسانية، ويحمل مسؤولية كل طالب ومعلم كما لو أنهم عائلته الخاصة.
داعم بلا حدود.. ومساند في اللحظات الحاسمة
من أجمل المواقف التي لا أنساها، يوم احتجت إلى إجازة للسفر إلى ماليزيا لمناقشة رسالة الدكتوراه، لم يكن مجرد مدير يوقع على ورقة، بل كان أول الداعمين والمشجعين، يبارك خطوتي وكأنها خطوته، ويعتبر نجاحي امتدادًا لنجاح المدرسة بأكملها.
لم يكن فقط داعمًا في القرارات الشخصية، بل كان سندًا لكل فكرة جديدة في التعليم، ورائدًا في تشجيع الأساليب الحديثة. كنت دائمًا أسعى لتقديم أنشطة تعليمية إبداعية داخل المدرسة، وكان الأستاذ نائل من أوائل الذين يؤمنون بتلك الرؤى، ويفتحون الأبواب أمامها، ويدفعون بها نحو النور، لأنه كان يرى في كل فكرة جديدة فرصة لصقل مهارات الطلاب، وفي كل تجربة تعليمية متطورة وسيلة لرفع مستوى التعليم نحو آفاق أرحب.
مدير يقدر العلم.. وصاحب أثر خالد
حين كنت أطبق أبحاثي التعليمية داخل المدرسة، لم أجد أمامي مديرًا مترددًا يخشى التغيير، بل قائدًا يؤمن بأن البحث العلمي هو النور الذي يقود المجتمعات نحو مستقبل أفضل، فكان يوافق بلا تردد، بل ويشجع ويهتم بكل التفاصيل، لأن مصلحة المعلم والطالب كانت دومًا بوصلته التي يهتدي بها.
وكانت من أجمل لحظات العمر حين قامت اللجنة المسؤولة عن المدرسة بتكريمي، وكان أبو محمد الأستاذ نائل العمور حاضرًا ليكون جزءًا من هذه الفرحة. لم يكن مجرد تكريم، بل كان لحظة نابضة بالمحبة والامتنان، ومفاجأة رائعة حملت معها كل التقدير والدعم الذي غمرني به على مدار السنوات.
أثرٌ خالد.. وشكر لا ينتهي
اليوم، وبعد أن مرت الأيام، لا يسعني إلا أن أقول: شكرًا أبو محمد، شكرًا لأنك لم تكن مجرد مدير، بل كنت قائدًا يلهم، وأخًا يسند، وأبًا لكل من عمل معك.
إنما الإنسان أثر، وأثرك خالد لا يُمحى، لأنك كنت رمزًا للوفاء، وشعلة لا تنطفئ من العطاء.
فخور بك وبكل القادة الذين يؤمنون بأن أعظم إرث يُترك في هذه الحياة هو الأثر الطيب في قلوب الناس.