
الأخت والصديقة بدور ريان العكر ، صديقة بنكهة أخت ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
هناك أشخاص يعبرون دروب حياتنا مرورًا عابرًا، وآخرون يرسخون في القلب كما ترسخ الجذور في عمق الأرض، يمنحوننا صداقتهم بصدق، ويغزلون من الأيام ذاكرة لا تُنسى. من هؤلاء الأشخاص الذين أثروا حياتي بوجودهم الطيب وروحهم النقية، الأخت والصديقة والزميلة بدور العكر، التي لم تكن مجرد رفيقة درب، بل كانت وما زالت صديقة بنكهة أخت، قلبها نقي، وعطاؤها بلا حدود، تضيء دروب من حولها بحبها ووفائها.
عرفتها لأول مرة خلال دراستنا في جامعة القدس المفتوحة، حين جمعتنا مقاعد العلم وشغف التعلم، فكانت زميلة أعتز وأفتخر بها، نشترك في الطموحات، ونحمل نفس الشغف نحو التميز والتفوق. لم تكن مجرد زميلة دراسة، بل كانت رفيقة الدرب التي تسير إلى جانبي، نتشارك المعرفة بلا تردد، ونتبادل الدعم بلا حساب، فقد كنا كيدين في جسد واحد، إذا تعثرت إحدانا، كانت الأخرى سندًا لها، وإذا نجحت، كان الفرح مشتركًا، كما لو أن الإنجاز لم يكن فرديًا بل ملكًا لنا معًا.
أيام لا تُنسى
كان من أجمل مراحل تلك الرحلة الأكاديمية، أيام التربية العملية في مدرسة الزهراء الثانوية للبنات، حيث اختبرنا معًا تجربة التدريس، ووقفنا جنبًا إلى جنب نخوض التحديات الأولى في طريقنا نحو تحقيق الحلم. كنا كنجمتين تتلألآن في سماء واحدة، تتعاونان في كل صغيرة وكبيرة، تحتفلان بنجاحاتهما كأنما الإنجاز كان نصيبًا مشتركًا لا يتجزأ. كان كل نجاح تحققه إحدانا، ينعكس فرحًا في عيون الأخرى، وكأننا خُلِقنا لنرتقي معًا.
الزمن لا يمحو الأثر
مرت الأيام وتفرقت الطرق، لكن الصداقات الحقيقية لا تبهت مع مرور الزمن، بل تظل محفورة في القلب كشجرة وارفة الظلال، كلما عصفت بها الرياح، زادت صلابة. وها أنا بعد سنين طويلة، وجدت نفسي أمام طفلها الصغير كريم، طالبًا في فصلي، كنت أراه كل يوم فأرى فيه صورة صديقتي الغالية، وكأن الأيام تعيد نفسها في مشهد مختلف، لكن بروح واحدة، وروابط لا تتغير.
دعم لا ينضب
رغم انشغالات الحياة، لم تتغير بدور، بقيت تلك الصديقة الحنونة، التي تفرح لإنجازاتي كما لو أنها إنجازاتها، تتابع أخباري، تشجعني، تدعمني، وتكون دائمًا أول المهنئين في كل نجاح أحققه. إنها كالنور الذي لا ينطفئ، وكالنبع الذي لا يجف، حضورها في حياتي ليس مجرد ذكرى، بل هو أثر جميل لا يُمحى، أثر يذكرني دائمًا بأن الصداقات الحقيقية لا تُقاس بطول السنين، بل بعمق المشاعر وصدق المواقف.
بدور العكر.. فخر لكل امرأة فلسطينية
لا يسعني إلا أن أقول: شكرًا بدور، شكرًا لأنك كنت وما زلت صديقة مختلفة، تتركين أثرًا طيبًا في كل من يعرفك، شكرًا لدعمك الدائم، شكرًا لروحك النقية التي تُشعرني دومًا بأن الصداقة الحقيقية لا تموت، بل تبقى حيّة كأجمل قصيدة في كتاب الحياة.
إنما الإنسان أثر.. وأثرك يا بدور طيب وجميل، فخورة بكِ وبكل النساء الفلسطينيات المبدعات، اللواتي يجعلن من حياتنا لوحةً من العطاء والوفاء.