11:18 مساءً / 31 مارس، 2025
آخر الاخبار

الأخت والصديقة شهد عاصم جرار … صانعة السعادة وأيقونة العطاء ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأخت والصديقة شهد عاصم جرار … صانعة السعادة وأيقونة العطاء ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

بعض الأشخاص يعبرون حياتنا مرورًا عابرًا، بينما البعض الآخر يترك أثرًا لا يُمحى، بصمةً من نور تبقى شاهدة على جمال أرواحهم وصفاء قلوبهم. ومن بين هؤلاء الأشخاص الذين حملوا في نفوسهم كل معاني النقاء والتفاني، كانت الأخت والصديقة شهد جرار ، “أم يامن”، تلك المرأة التي لا يُمكن الحديث عنها دون أن يُضيء القلب بمحبة خالصة وامتنانٍ عميق.

عرفتها يوم كان ابنها يامن طالبًا في صفي، ذلك الفتى المتميز، الخلوق، المؤدب، الذي لم يكن مجرد طالب عادي، بل كان مثالًا يُحتذى في الأخلاق والاجتهاد، وحين تعرفت على والدته، فهمت من أين جاء هذا التميز.

شهد ليست مجرد أمٍّ، بل هي صانعة للسعادة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، امرأة اختارت أن تجعل من كل تفصيلة في حياتها قصةً مُضيئة من الحب والعطاء. تعمل مصممةً في مطبعة والدها وزوجها، لكنها لم تكن مجرد مصممة عادية، بل فنانة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، تضع لمساتها في كل ما تصنعه، وكأنها ترسم بهجة في كل تصميم، تُضيف روحها إلى كل قطعةٍ تنجزها، ليكون لكل ما تلمسه بصمتها الخاصة التي لا تُخطئها العين.

لا أنسى أبدًا ذلك الموقف الذي بقي محفورًا في ذاكرتي، يوم جاءني يامن في عيد المعلم حاملاً هديةً بسيطة، لكنها كانت تحمل في طيّاتها حبًا كبيرًا. سألته بعفوية: “من صمّم هذه الهدية الجميلة؟” فابتسم بفخر وقال: “أمي!”

يا لجمال ذلك الشعور! أن يصنع لك أحدهم شيئًا بيديه، أن يكون في كل تفصيلة لمسةُ محبة، أن تُدرك أن العطاء حين يكون نابعًا من القلب، فإنه يصل إلى القلب دون عناء.

ومرت الأيام، وكعادتها الحياة تدور، وتعيد لنا الأشخاص الطيبين في أكثر اللحظات التي نحتاج إليهم فيها. حين استعددتُ للسفر إلى ماليزيا لمتابعة دراستي للحصول على درجة الدكتوراه، كنت بحاجة إلى بعض الهدايا البسيطة، توزيعات تحمل طابعًا خاصًا، تصميمات مميزة، شيء يعبر عن هويتي ويمثلني في رحلتي القادمة.

لم يكن هناك شخصٌ أكثر إتقانًا وذوقًا من شهد، ولم يكن هناك قلبٌ أكثر حبًّا واستعدادًا للعطاء منها، وبدون تردد، تبنّت كل التفاصيل، اهتمّت بكل صغيرة وكبيرة، ولم تترك شيئًا إلا وكان يحمل بصمةً من إبداعها. لم يكن مجرد عمل، بل كان حبًّا يتجسّد في هيئة تصاميم، وكأنها تقول لي دون كلمات: “امضِ إلى رحلتك، واتركي التفاصيل لي، فأنا هنا لأمنحك أجمل ما أستطيع.”

لم يكن عطاؤها مقتصرًا على اللحظات الخاصة فقط، بل تعداه إلى مساحات أوسع من الخير. حين أطلقتُ مبادرة “يلا نعوض اللي فات مع د. تهاني بشارات”، كنت بحاجة إلى تصميم خاص لدوسية اللغة الإنجليزية وطباعتها، ولم يكن هناك شخصٌ أقدر على هذه المهمة من شهد.

عملت معي ليالي طويلة، دون كلل أو ملل، وكأنها كانت تعتبر نجاح هذا المشروع نجاحًا شخصيًا لها، لم تشتكِ من التعب، لم تتردد للحظة، بل أبدعت بكل ما أوتيت من طاقة، كأنها تُحوّل العطاء إلى فنٍّ، وتجعل من كل تفصيلة لوحةً تروي قصة التفاني والإخلاص.

شهد يا صديقتي، يا من لكِ من اسمك نصيب، فأنتِ فعلًا “فرحةٌ” تسير بيننا، روحٌ لا تعرف سوى الجمال والود، امرأةٌ تُضيء الحياة بلمساتها، تُحوّل الأشياء العادية إلى تحفٍ فنية، تُضيف للأيام لونًا مختلفًا لا يشبه أحدًا.

شكرًا لكِ من القلب، لأنكِ تركتِ في حياتي أثرًا لا يُنسى، شكرًا لكِ لأنكِ أثبتِ أن الإنسان ليس بما يملك، بل بما يمنح، شكرًا لأنكِ نموذجٌ يُحتذى لكل امرأة فلسطينية، صامدة، مبدعة، وفية، تعطي بلا مقابل، وتمنح بحب.

إنما الإنسان أثر، وأثركِ في حياتي سيظل علامةً من علامات الوفاء والإبداع، وفخري بكِ لا يضاهيه فخر.

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات لشهر أبريل

أسعار المحروقات لشهر أبريل

شفا – كشفت الهيئة العامة للبترول في وزارة المالية، اليوم، أسعار المحروقات والغاز لشهر نيسان/ …