9:20 صباحًا / 30 مارس، 2025
آخر الاخبار

نزوح على أربع ، بقلم : وصال أبو عليا

وصال أبو عليا

نزوح على أربع ، بقلم : وصال أبو عليا


لم تصحُ تلك السّيّدة من مدينة رفح متعافية من الخيبة، بل أضافت لها أقدامًا جديدة تمضي بها في نزوح على أربع في القرن الحادي والعشرين وعصر الحضارة.


هذا بعد أن كانت السّيّدات في قطاع غزّة، يقرأن بدر شاكر السّيّاب والمتنبّي ومحمود درويش، ويقرأن الحياة بخطوط المرغوب لا المتاح.


هي السّيّدة فلا سيّدات بعدها، هذه السّيّدة التي لم يتسنَّ لي معرفة اسمها، ربّت الحياة بأصابعها في المدينة الموؤودة، بعد أن كانت تعجن الفجر تحت ظلّ شرفتها وتنير سراج الحقول، وبعد أن كانت الحديقة والسّاقي.


إنها الآن تدقّ قلبي بين يديها وتعصره .. فهل كان عليها أن تدنو من هزيمة أخرى لترمّم الانزلاقات تحت قدميها المستحدثتين؟ أراها كمن يسير بين حقول ألغام، فهل ستجد كتفًا يتّسع لكلّ أحزانها؟


كأنّها تخطّ على هذه الأرض “لا” كبيرة في وجه “بروكرست الجديد” تارة – شخصيّة من الميثولوجيا اليونانيّة، حيث كان حدّادًا وقاطع طريق من أتيكا، كان يهاجم النّاس ويقوم بمطّ أجسادهم، أو قطع أرجلهم؛ لتتناسب أطوالهم مع سريره الحديديّ – وهي تتّسع في الأفق المتشظّي كقيثارة، بروحها الشّاهقة رغم ما حلّ بوضعيّة الجسد، وتارة أخرى تبكي على قميصنا الذي قُدّ من كلّ صديق وعدو.


هي القادمة من رفح، المدينة التي تصبح (فرح) عند عكس حروفها، وهي تقف شامخة في أقصى زاوية في الجنوب الغربيّ لفلسطين، عند عناق أمواج البحر مع الرّمال الذهبيّة، بسيرتها التّاريخيّة المعبَّقة برائحة الحضارات القديمة، بداية من الحضارة المصريّة القديمة ومرورًا بالحضارة الآشوريّة والكنعانيّة واليونانيّة وانتهاءً بالحضارة الإسلاميّة.


تلك المدينة القديمة التي كانت تمرّ من أراضيها خطوط السّكّة الحديديّة الواصلة بين القاهرة وحيفا، والتي فتحها المسلمون على يد عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر ابن الخطاب، وباتت المدينة أثرًا بعد عين.
وبعد كلّ الذي سيأتي، ألهذا الحدّ يُكسَرُ ظهرنا؟ وهل تجفّ أرض لها أهلها؟

شاهد أيضاً

" وكالة شفا " تهنئكم بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد

” وكالة شفا ” تهنئكم بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد

شفا – تتقدم إدارة شبكة فلسطين للأنباء شفا وكافة العاملين بها بالتهنئة الحارة من الأمتين …