5:45 صباحًا / 30 مارس، 2025
آخر الاخبار

في يوم الارض الخالد : نحن هنا باقون على صدوركم كالجدار بقلم : تيسير خالد

في يوم الارض الخالد : نحن هنا باقون على صدوركم كالجدار بقلم : تيسير خالد

في يوم الارض الخالد : نحن هنا باقون على صدوركم كالجدار ، بقلم : تيسير خالد

يأتي يوم الأرض الخالد هذا العام وسط تطورات سياسية وميدانية عاصفة ، تأثيراتها بعيدة المدى . فدولة الاحتلال تواصل حربها الوحشية على قطاع غزة ، وهي حرب إبادة بكل المقاييس ترتب عليها حتى الآن سقوط اكثر من خمسين الف مواطن شهيدا وأكثر من 120 مواطن جريحا فضلا عن اولئك المواطنين المفقودين تحت دمار آلة الحرب الاسرائيلية . البنية التحتية في غزة جرى تدميرها ، وكذلك المصانع والمعامل والمزارع ومعدل البطالة والفقر وصلت ارقاما قياسية غير مسبوقة . الجامعات دمرت وتحول بعضها بعد دمار الى أماكن لجوء للنازحين غير آمنة ، وكذا هو الحال بالنسبة للمدارس . المستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الرعاية غطاها العدوان وكذا المساجد والكنائس ودور العبادة ، وعلى أنقاض كل هذا تستعجل دولة الاحتلال تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى بلد آخر ، ومجلس وزرائها المصغر ( الكابنيت ) يصادق على إنشاء “إدارة خاصة للهجرة الطوعية لسكان قطاع غزة “.


وفي الضفة الغربية ، بما فيها القدس ، يبدو المشهد الميداني قاسيا ، فدولة الاحتلال تشن كذلك حربا وحشية في الشمال تستهدف مخيماته بالدرجة الرئيسية بالتصفية وسكانها بالتهجير في سياق حربها المعلنة على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( اونروا ) وتدفع بثبات وعلى نحو غير مسبوق بمخططاتها الاستيطانية ، التي لا تكتفي بتسمين المستوطنات القائمة بل وتنشر في طول الريف الفلسطيني وعرضه بؤرها الاستيطانية ومزارعها الرعوية الارهابية ، التي اصبح لها سيطرة واسعة على الارض تجاوزت 14 بالمئة من مساحة الضفة الغربية ، وهي يؤر ومزارع رعوية تحميها دولة الاحتلال بمنظومة من الاجراءات والترتيبات التي تحاصر الفلسطينيين في معازل ، أين منها تلك ، التي كانت قائمة في جنوب افريقيا في عهد نظام الفصل العنصري البائد ، وهي ترتيبات وإجراءات لا تكتفي بنشر نحو 900 ساتر ترابي وحاجز عسكري وبوابات على مداخل البلدات والقرى ، بل وتقيم على حراستها وتأمينها جيش من جنود الاحتياط ، الذين يسكنون المستوطنات وبينهم أعداد لا يستهان بها من ذوي السوابق الجنائية .


في مثل هذه الأجواء يحيي الفلسطينيون هذا العام يوم الارض الخالد في الثلاثين من آذار في فلسطين التاريخية وفي مناطق اللجوء والشتات والمهاجر باعتباره يجسد من خلال المعاناة والتضحيات الجسام تلك العلاقة المصيرية ، التي لا انفصام فيها ولا انقطاع بين الشعب والأرض والتاريخ ، الذي تحاول حكومات اسرائيل وقيادات الحركة الصهيونية تزويره وتوظيفه كأداة لفبركة تاريخ وهمي لهذه البلاد وفبركة وعي زائف يستمد روايته من الاساطير وأقوال العرافين والأنبياء الكذابين ، كما يفعل بتسلئيل سموتريتش وغيره من الفاشيين العبثيين في دولة الاحتلال ، في خدمة سياستها العدوانية التوسعية والعنصرية الكريهة ، وهو عنوان صمود اسطوري أعطى لفلسطين هويتها الوطنية والتاريخية الحقيقية إلى الأبد.


فالأرض كانت وما زالت جوهر الصراع مع الاحتلال ومشروعه الاستيطاني الاستعماري القائم على سياسة الإحلال والإقصاء وتشريد شعب فلسطين عن ارض ابائه وأجداده وما يرافق ذلك من انتهاكات وجرائم كانت في قلب مشاريع الحركة الصهيونية بدءا بجرائم الاستيطان في ظل الانتداب وجرائم التطهير العرقي التي رافقت نكبة العام 1948، مرورا بمشاريع وزارة الداخلية الإسرائيلية ومخططاتها التي تستهدف إفراغ الجليل من سكانه الأصليين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها وصولا إلى يومنا هذا وما نشهده من سياسات وإجراءات حكومة نتنياهو لتكثيف الاستيطان ونهب الأرض وتدمير مقومات وأسس قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.


على أن إحياء هذه الذكرى الخالدة ليس فقط للوقوف أمام المعاني العظيمة لأحداث الثلاثين من آذار عام 1976 بقدر ما هي مناسبة لاستنهاض القوى في مواجهة الحرب المفتوحة ، التي تشنها اسرائيل لفرض تسوية تصفوية للقضية الفلسطينية من خلال مشاريع التهويد والأسرلة لمدينة القدس ( 10 ) بالمئة من مساحة الضفة الغربية ، والتنازل عن حق اللاجئين في العودة الى ديارهم وحل وكالة الغوث ، التي تقدم الخدمات لأكثر من خمسة ملايين لاجئ في الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا، في اكثر من 711 مدرسة و 143 عيادة صحية والسيطرة الامنية الاسرائيلية الكاملة على فلسطين من النهر الى البحر وضم الكتل الاستيطانية وما يسمى المستوطنات المعزولة والبؤر الاستيطانية بمجال حيوي يتراوح بين 15 – 20 بالمئة من مساحة الضفة الغربية ليرسو الحل كما يخطط قادة تل أبيب على كيان فلسطيني مقطع الآوصال ، أشبه بالمعازل في قطاع غزة وفي مناطق (ا + ب) وبعض الجيوب في مناطق ( ج ) لا سيادة له على الأرض مع بقاء المياه الجوفية والسطحية والاقليمية والأجواء والموجات الكهرومغناطيسية تحت السيطرة الكاملة لدولة الاحتلال .


وعندما يكون الأمر كذلك ، وهو كذلك فعلا ، فلا بد من رد وطني فلسطيني مناسب على سياسة الاحتلال ، يخرج عن أسر السياسة الانتظارية والمراهنة على ما لا يمكن المراهنة عليه في ضوء تجارب مرة ومريرة على امتداد سنوات ما بعد اوسلو الاولى الطويلة ، فأوسلو مات وفقط هم بعض الفلسطينيين ما زالوا يعيشون في الوهم بأن اتفاقيات اوسلو هي اتفاقيات تعاقدية وأنها ما زالت قائمة رغم إدراكهم أن الجانب الاسرائيلي أخذ يتصرف منذ انتهاء المرحلة الانتقالية وبشكل خاص بعد إعادة احتلال المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في اعقاب ما يسمى عملية السور الواقي وما تبع ذلك من عودة الادارة المدنية الى ممارسة دورها الواسع في الضفة الغربية بمعزل عن أية التزامات جاءت بها تلك الاتفاقيات وتعامل معها باعتبارها جثة هامدة يحافظ عليها في مادة الفورمالين حفاظا عليها من التحلل والتعفن كما صرح ذات يوم دوف فايسغلاس مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق ارئيل شارون .


وانطلاقا من ذلك ، يجب البدء بفتح حوار وطني شامل لا يستثني أحدا ، ودون شروط مسبقة ، من اجل طي صفحة الانقسام الأسود واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني ، على قاعدة ما تم التوافق عليه في عديد الحوارات ، بما فيها حوار بكين ، وفي الوقت نفسه إعادة الاعتبار للمؤسسات الوطنية الجامعة وخاصة في منظمة التحرير الفلسطينية واحترام قراراتها والكف عن التعامل معها باعتبارها مؤسسات استشارية ، والعودة لقرارات المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الاخيرة عام 2018 ، وقرارات المجلس المركزي في دوراته المتعاقبة ، التي ارست اساسا سياسيا صالحا لخارطة طريق وطنية وبرنامج مواجهة وطنية واسعة وشاملة مع الاحتلال ، وحددت سلسلة من الاجراءات والخطوات التي ينبغي القيام بها والبدء بمعالجة ما نحن فيه من انقسام مدمر أفسد الحياة السياسية والدستورية لنخطو موحدين ، ما امكن ذلك ، نحو فك ارتباط مع سلطات الاحتلال على جميع المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والادارية بخطوات مدروسة ومتدرجة تقودها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وحكومة دولة فلسطين ، نضع من خلالها أقدامنا على أرض صلبة تحملنا نحو عصيان وطني شامل تحميه انتفاضة شعبية وتتولى أمره قيادة وطنية موحدة تضم الجميع ، عصيان أسسه ومنطلقاته واستراتيجيته واضحة ، بدءا بالاعلان الواضح والصريح بأن الجانب الفلسطيني مسؤول فقط عن أمن المواطن الفلسطيني في اراضي دولة فلسطين تحت الاحتلال ، كما عرفها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 19/67 لعام 2012 ، مرورا بمقاطعة منتجات الاحتلال ، التي لها بديل وطني او عربي او اجنبي ، وخاصة منتجات المستوطنات عملا بقرار مجلس الوزراء الفلسطيني بقانون رقم (4) لسنة 2010 م بشأن حظر ومكافحة منتجات المستوطنات وانتهاء بتحرير سجل السكان وسجل الاراضي من سيطرة الادارة المدنية الاسرائيلية في بيت إيل ومد ولاية المحاكم الفلسطينية على جميع المتواجدين على الاراضي الفلسطينية تحت الاحتلال ، وخاصة المستوطنين وغير ذلك من تدابير وتحديدا تلك التي تتصل بملاحقة مجرمي الحرب في اسرائيل في المحافل السياسية والقضائية الدولية وتحديدا المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وضمان امتثالهم للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية .


في ظروفنا الوطنية وفي الظروف الاقليمية والدولية الراهنة لسنا امام خيارات كثيرة بل أمام خيارات محدودة وصعبة ، يأتي في مقدمتها وضع العصيان الوطني على رأس جدول أعمالنا ، باعتباره الخيار الأمثل ، الذي يساعدنا في استنهاض الحالة الجماهيرية ، ويساعدنا في دفع المجتمع الدولي الى التدخل والضغط على دولة الاحتلال ، التي بدأت بعد تشكيل الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا في تاريخها في ترجمة مشروع سموتريتش في خطة الحسم ، ودفعها للكف عن التصرف كدولة استثنائية فوق القانون الدولي والشرعية الدولية وذلك جنبا الى جنب مع دفع ملف الاحتلال والاستيطان في محكمة العدل الدولية نحو نهاياته ، بما في ذلك إنشاء سجل للأضرار الناجمة عن الاحتلال الدائم وعن الاستيطان ، كما كان الحال مع فتوى المحكمة في تموز من العام 2004 حول جدار الفصل العنصري ، والعودة لنقل ملف الاستيطان الى مجلس الأمن الدولي باعتباره وفق القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977 ، ووفق نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 في مادته الثامنة جريمة حرب ، ومطالبته تحمل مسؤولياته في دفع اسرائيل الى احترام قراراته والامتثال لها بما فيها القرار 2334 لعام 2016 ومواصلة دعوة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية فتح تحقيق قضائي فوري في الحرب الوحشية على قطاع غزة وجرائم التهجير في مخيمات شمال الضفة الغربية وجرائم الاستيطان والشروع دون تردد بمساءلة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم في الكنيسيت الاسرائيلي ، الذي بات المستوطنون يحتلون 12 بالمئة من مقاعده ، وفي جهاز القضاء والحكومة وأذرعها المختلفة بدءا بالادارة المدنية ومكتب منسق المناطق وانتهاء بمجالس المستوطنات وجلبهم الى العدالة الدولية .

شاهد أيضاً

" وكالة شفا " تهنئكم بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد

” وكالة شفا ” تهنئكم بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد

شفا – تتقدم إدارة شبكة فلسطين للأنباء شفا وكافة العاملين بها بالتهنئة الحارة من الأمتين …