
مجرد ملاحظة ، بقلم : مروان طوباسي
هذه ليست “حرباً مع حماس” كما تروج صورتها حكومة الأحتلال والغرب بشكل عام ، بل هي حرب مستمرة على الشعب الفلسطيني كلّه وعلى حقّه في الوجود والحياة منذ ما قبل جريمة النكبة الأولى .
فاللغة ليست مجرّد أصوات على الألسنة ، أو عبارات يجري بها مداد الأقلام ، بل قد تكون أداة لترسيخ واقع “مفاهيمي” فى الأذهان ، يمتدّ بحكم طبائع التفكير والإدراك إلى السياسة فهما ، وإلى القرارات تأثيرا وفعلاً ، ويبدو أنَّ في إسرائيل من يتقن اللعبة ، ولدينا من يقع بها .
إسرائيل وأمريكا وشركاؤهما يريدون أن يكون الدرس النهائي من كل ما يجري منذ ما قبل السنة والنصف الماضية بعقود طويلة ، هو أن تخرج الشعوب بنتيجة تقول بإدانة كل مقاومة بل والتوبة عن ثقافة المقاومة ، هذا ما كان مطلوبا عام ٤٨ وعام ٥٦ وعام ٨٢ وعام ٢٠٠٤ عندما قتلوا رمز المقاومة ياسر عرفات واعادوا الأحتلال مرة أخرى قبل ذلك بعامين ، بل وعند كل المجازر عبر تاريخنا وكفاحنا الوطني الطويل .
بالمقابل ، وفي الوضع الطبيعي ، تسعى الشعوب لأن تجعل كل معركة خطوة للأمام في صراعها وخاصة في مثل هذا الصراع الطويل والمعقد مع مُحتلٍ استعماري إحلالي لا ينتظر مبررا لجرائمه التي تاتي في سياق مخططات الحركة الصهيونية منذ بدايتها ، احتلال لن يقدم الخبز والورود لغزة حتى وأن تم الإفراج عن كل الأسرى الإسرائيليين . وهو ما يعني أن تُسجل مواجهات السنة ونصف الماضية في خانة ما هو كفاحي ونضالي في تاريخ الصراع كما سُجلت المحطات الاخرى رغم جسام التضحيات التي ننحني امام عظمتها ورغم ما كان يجب ان يكون مدروسا اكثر في حسابات المواجهة وردات الفعل . إن هذا ما تعارف عليه البشر للآن ، وما حصل في كل تواريخ الشعوب التي تعرضت للظلم والقهر والأستعمار وخاضت الثورات التحررية .
فعدونا أعلن منذ البدايات وما زال اليوم يعلن أنه يريد تغييراً ثقافيا عميقا عند شعوب المنطقة بحيث تتحول إلى رفض وإدانة المقاومة بشتى أشكالها وان يكون التطبيع المجاني هو سمة الثقافة المطلوبة كما هو القبول بوقائع يفرضها الأحتلال . فهل يمكن فعلا أن يدان مَن يقاوم عدوه ؟ لا يمكن ان يكون ذلك بريئاً اليوم في وقت استمر فيه حكم الأخونج الخوارج طيلة ١٨ عاما بقوة القهر ولم يتحرك احدا ، واستمر ذلك في ظل ماروثونات الحوار والمصالحة وغياب الانتخابات ، فلماذا الآن في وقت مجازر الأحتلال ورؤيته للتهجير ليس في غزة فقط بل وما يجري من اقتلاع وتهجير في مخيماتنا بالضفة الغربية التي لم يطلق احدا منها الصواريخ او أشكالها لتكون مبررا كما بعض الادعاءات .
ففي غياب رؤية واستراتيجية واضحة تعبر عن كل الطيف الوطني الفلسطيني في اطار منظمة التحرير كجبهة وطنية واسعة وعريضة تسعى للتحرر الوطني بما يعني إنهاء الأحتلال الأستيطاني عن كل الأراضي الفلسطينية والحفاظ على وحدة الأرض والشعب والقضية امام تحديات المخططات الجارية اليوم بالضفة وغزة بل والمنطقة الأوسع ، يصبح إستغلال اخطاء البعض دون مراجعة نقدية لكل مسار حركتنا الوطنية مسألة لا تأخذنا الى أيام أفضل ولا الى حاضر نستطيع فيه مواجهة التحديات المصيرية التي تتهددنا جميعاً اليوم .