8:05 مساءً / 2 أبريل، 2025
آخر الاخبار

الشوق والحرمان ، لغة العشق في الشعر الشعبي ، بقلم : هدى زوين

هدى زوين

الشوق والحرمان ، لغة العشق في الشعر الشعبي ، بقلم : هدى زوين

الشعر الشعبي هو مرآة للروح، يعكس الأوجاع، والأفراح، والأحلام التي قد تكون غير قادرة على التعبير عنها الكلمات العادية. وفي هذه القصيدة، نجد ان الكلمات تحمل في طياتها شوقًا لا يهدأ، وحرمانًا عميقًا يتجسد في كل بيت من أبياتها. الأسلوب الذي يستخدمه في تصوير الحب والعاطفة يشبه اللحظات الفارقة في حياة الإنسان، التي تكون مليئة باللهفة والألم.

“تعاي اتدني يمي وخل اشم بيچ
عوفي المستحة امبارات للشوگ”

في هذه الكلمات نجد دعوة صادقة، تحمل الشوق والاحتياج، ليس فقط في المعنى الظاهري ولكن في عمق الروح التي تريد التقرب من المحبوب وتذوق قربه. إنه الصراع بين الرغبة في اللقاء والخجل، بين العاطفة المشتعلة والموانع التي تقف في الطريق فالعشق كاحتراق: جمر الشوق في قلب المحب

في هذه الابيات هناك صورة حية لتمزق داخلي يعانيه الشخص الذي يحب بصدق. المشاعر التي يحملها الشخص العاشق لا تكون أبدًا بسيطة أو سطحية، بل هي صراع داخلي مستمر.

“وجهچ لو گمر ما ميزت بيچ
يلعيونچ حجر صايغهن .. الفوگ”

في هذه الأبيات، يشبّه وجه المحبوبة بالقمر، لكنه يعترف بصعوبة التميز، كما لو أن عيونها مغطاة بحجر صايغ. وهذا التشبيه يعكس مدى الجمال الذي يحمل التحدي، كما لو أن الجمال نفسه يحتاج إلى تساؤلات وصراعات. إنها صورة عن الحب الذي لا يرى فيه العاشق سوى المحبوب رغم التحديات.

القصيدة هنا تتجاوز كونها مجرد تعبير عن حب، بل تطرح حالة من الاضطراب الداخلي بين الرغبة والواقع، بين أن ترى وتغرق في الجمال وبين أن تدرك أن هذا الجمال هو لحظة غير قابلة للمس.

الشوق لا يقتصر على مجرد اللقاء الجسدي، بل هو إحساس عميق يتسلل إلى الأبعاد النفسية. يضع كل تفصيل صغير في محله ليوصل الفكرة: العشق ليس مجرد مشاعر سطحية، بل هو حالة من الاستغراق الكامل.

“عين ابره الحلگ والبيه رمان
اناظرهن وريد اچمالت الضوگ”

هنا، يلتقط التفصيل في عيون المحبوبة، ويربط بين العين ورمز الرمان، وهو رمز للحياة والعاطفة في الثقافات العربية. وعندما يتحدث عن “ضوك”، فإنه يشير إلى تلك اللحظة السحرية التي يشعر فيها الشخص بأن كل شيء يضيء من خلال المحبوب.

الصورة التي يرسمها في هذه الأبيات هي صورة عن العشق الذي يشتعل بالنظرة الأولى ويظل حيًا في تفاصيل الحياة اليومية.


في المقاطع التالية، يشير إلى الحب في لحظات الفراق، حيث يعبر عن معاناته بسبب الغياب.

“مريض اوعلّتي منچ غايبه ايام
ومحاضني اوياچ ايصيرلي ادواي”

هنا نجد التعبير عن ألم الغياب بصدق، حيث يعاني جسديًا من غياب المحبوبة وكأن غيابها يمرض روحه. لكن العجيب أن الحب في هذا السياق ليس فقط مصدرًا للراحة، بل مصدرًا للألم أيضًا. فالغياب يزيد من الاحتياج ويجعل الشوق أكثر إلحاحًا.

الصورة التي تقدمها الابيات تعكس حبًا لم يكتمل، أملًا لم يتحقق، لكن ما يميز هذا الحب هو الصدق الذي يظهر في الكلمات. إنه حب يعبر عن الاحتياج الجارف للطرف الآخر، لدرجة يراه كدواء لمرضه، ومع ذلك تبقى الوحدة والألم حاضرين.

النهاية في هذه القصيدة لا تقتصر على اللمسة الجسدية، بل تمتد لتشمل اللقاء الروحي الذي لا يتوقف عند مجرد تبادل القبل، بل يتحول إلى تداخل الأرواح.

“تعاي او إله اخلي اضلوعچ اتلين
ونيشن صدرچ اببوسات بشفاي”

هنا نجد القرب الجسدي في أعمق معانيه، لكنه يربط هذه اللمسات بشيء أكثر روحيًا. إن القرب الجسدي بين العاشقين يصبح ذا مغزى أكبر عندما يلتقي القلبان في نقطة واحدة. ولكن الأعمق من ذلك هو فكرة أن اللمسة تكون بمثابة وسيلة لتبادل الروح والنقاء.

ان الحب الذي يجمع بين الأمل واليأس، بين الشوق والحرمان. هي قصيدة تلتقط معاناة العاشق الذي يود الوصول إلى المحبوب لكنه دائمًا في صراع مع الموانع الداخلية والخارجية. بين الحلم والواقع، يبقى العاشق في حالة انتظار لا تنتهي، تزداد جاذبيتها مع كل لحظة، لكنها تظل تحمل ألمًا مريرًا يذوب فيه الشوق والقلق.


إنها لغة العشق التي لا تعرف الحدود، التي تلامس القلب قبل العين، وتترك في الروح علامة لا تُمحى.

شاهد أيضاً

الاحتلال يعتدي على المواطنين بالغاز السام وقنابل الصوت في طولكرم

الاحتلال يعتدي على المواطنين بالغاز السام وقنابل الصوت في طولكرم

شفا – اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، على المواطنين وسط مدينة طولكرم، وأطلقت الغاز السام المسيل …