8:35 مساءً / 29 مارس، 2025
آخر الاخبار

العطاء والحب ، فلسفة تتجاوز الكلمات ، بقلم : هدى زوين

العطاء والحب ، فلسفة تتجاوز الكلمات ، بقلم : هدى زوين

العطاء والحب ، فلسفة تتجاوز الكلمات ، بقلم : هدى زوين

في زحمة الحياة، نجد أنفسنا محاطين بأصوات كثيرة، ووعود تُلقى في الهواء بلا وزن، وكلمات حب تتكرر دون أن تجد لها مكانًا في الواقع. نُسرف في الحديث عن العطاء والحب، لكننا نادرًا ما نُجسّدهما في أفعال تعكس جوهرهما الحقيقي. وهنا، يقف الإنسان أمام سؤال جوهري: هل الحب والعطاء مجرد كلمات تُقال، أم أنهما أسلوب حياة يُمارَس؟

العطاء ليس مجرد فعل مادي يتمثل في تقديم الهدايا أو المال، بل هو انعكاس لطبيعة الإنسان وعمق إحساسه بالآخرين. إنه ذلك التصرف البسيط الذي يُشعر الآخر بأنه ليس وحيدًا، تلك اليد التي تمتد في وقت الحاجة، ذلك الصمت الذي يحمل في طياته دعمًا أكبر من أي كلمة.

العطاء الحقيقي لا ينبع من الرغبة في المقابل، بل من الإيمان بأن إسعاد الآخرين جزء من سعادتنا نحن. هو أن تمنح دون أن تنتظر، أن تُحسن دون أن يُطلب منك، أن تكون سندًا حتى دون أن يدرك الآخرون أنك كنت هناك. إنه ليس مظهرًا اجتماعيًا ولا واجبًا مفروضًا، بل هو طبيعة إنسانية تنبع من قلوب تدرك أن الحياة لا تكتمل إلا عندما يمتد الخير من شخص إلى آخر.

اما الحب ليس كلمات تُلقى بين السطور، ولا وعودًا تُحفظ في الذاكرة دون أن تجد طريقها إلى الواقع. إنه الأفعال التي تُثبت المشاعر، هو الاهتمام الذي لا يحتاج إلى طلب، هو الاحترام الذي لا يتزعزع، هو القرب الذي لا يُقاس بالمسافة، بل بالإحساس العميق بالأمان مع من نحب.

من يحب حقًا لا يتحدث كثيرًا عن الحب، بل يعيشه. هو ذلك الشخص الذي يعرف متى يصمت ليسمع، ومتى يتحدث ليواسي، ومتى يقف ليحمي. الحب لا يكون في لحظات الفرح فقط، بل يتجلى في أصعب الظروف، حين يكون الآخر ضعيفًا أو منهكًا أو حتى غير قادر على التعبير عن حاجته. الحب لا يُقاس بعدد الكلمات، بل بعدد المرات التي كنّا فيها ملاذًا لمن نحب.

كيف يمكن إعادة الحسابات… ومتى؟

أحيانًا، يتعين علينا التوقف وإعادة النظر في الطريقة التي نحب ونعطي بها. هل نحن نمنح حبنا دون شروط؟ هل أفعالنا تعكس ما نقوله؟ هل نُشعر من حولنا بأنهم مهمون حقًا؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة ليست مجرد تمرين فكري، بل هي اختبار لمدى صدقنا مع أنفسنا ومع الآخرين.

إذا كنت تدّعي أنك شخص معطاء، فهل تعطي حين لا يراك أحد؟ وإذا كنت تؤمن بأنك تحب، فهل يحب الآخرون وجودك كما تحب أنت وجودهم؟ الحب والعطاء ليسا مجرد نظريات نناقشها، بل هما واقع نعيشه أو نخدع أنفسنا بمحاولة تقليده.


العطاء والحب… هما سر الحياة الحقيقية

في النهاية، تبقى الحقيقة واحدة: الحياة بلا حب صادق وعطاء نقي، ما هي إلا محض وجود بلا معنى. من يدرك سر العطاء يعرف أن السعادة ليست في الأخذ، بل في القدرة على أن تكون سببًا في سعادة الآخرين. ومن يفهم الحب لا يضيّعه في الكلمات، بل يصونه بالأفعال.

الحياة ليست انتظارًا لمن يمنحنا السعادة، بل هي رحلة نبحث فيها عما يمكننا أن نعطيه لمن نحب، دون حسابات، ودون مقابل. لأن الحب والعطاء لا يُقاسان بما نقول، بل بما نتركه من أثر في قلوب الآخرين.

شاهد أيضاً

اتصال هاتفي بين الرئيس الفلسطيني ونظيره التركي

اتصال هاتفي بين الرئيس الفلسطيني ونظيره التركي

شفا – جرى اتصال هاتفي، اليوم السبت، بين رئيس دولة فلسطين محمود عباس، والرئيس التركي …