
بدون خصوصية ، بقلم : منى سامي موسى
للأسف وبدونها ، الإناث في غزة انعدموا من حياتهم الشخصية في مكتظة الأزمة والطوارئ والموت والجرح والنزح…. ،
كل شي ذهب ، بالفعل الماضي ، وليس المعدن النفيس ، لم يبق أمان وأمن ، ولا بيت مقام ، ولا حتى مقومات للحياة الصغرى في كفافها . الإناث صرن يقضين نهارهن داخل الخيمة الوافدة ، يعملن كل مهامهن من أكل وشرب ولطم وعويل ، والقليل من الهدوء ، والعديد من الأمور التي لا تخطر على قلب المدينة ، وحتى قضاء حاجاتهن الشخصية داخل الخيمة ، وليس بالضرورة أن يتحرجن لروائح الغائط ، فالملوثات هناك بلا عدد.
طوال الوقت الذي لا يمر يضعن الحجاب على رؤوسهن المثقلة بلا فواصل ، فسمة الاتصال أو تواصل بين الزوج والزوجة في ( بح ) . وللأسف وبدونها ، الهمسة في الخيمة لها صدى ، ما يعني أن رفع الحدث الأعظم لم ولا يأتي ، وفي هذا الاكتظاظ تصبح الشخصنة من الأمور العامة .
حين تعطس خولة وكل الخولات ، يتم سماع الحارة والحارات بلا تشميت ، لأننا نعرف بعضنا جيدا ، لدرجة أن الغسيل مكشوف لأهل الله وملحديه.
أما طنجرة الطبخ التي ما ندر تكتظ بالنار ، فمحتواها مكشوف أيضا من الرائحة التي تجوب معسكر الخيام ، الطبخة معروفة يا مدام ، وإن كان محتواها لحم مثلا ، تأتيك التهاني من خلف الشبابيك الممزقة في كل خيمة ، فاللحم عملة نادرة في قاموس النزوح والإيواء.
إن جدول عمل السيدات في الخيام معروف ومكشوف ، لا حاجة للجواسيس في ترصد يومياتهن ، فيكفي أن تهمهم لتلقى سبعين أذن تنتظر منك الحرف الأول ، وفي خطواتها الاولى خارج الخيمة ، يتم تحديد مسيرها المكشوف لخلق الله قاطبة .
في استلام بطاقة المساعدة ، هناك اشتراكية بلا ديموقراطية ، الكل يتشارك النظر ، وكل النساء يسمعن محادثة الهاتف الخاص والعام ، لا منجى ولا ملجأ من السماع إلا السماع ، وهكذا نطبق الشيوعية في الخيام بشكل لم يعرفه لينين ، شيوعية الانفتاح على كل شيء ، فكل الأشياء متشاركة ، والخصوصيات خلف ماضينا .
همست عبير في أذن أمها صباحا ، وقالت : لقد تكسر ظهر جارتنا في الخيمية ، من نومها على جنبها اليميين ، فأنا سمعتها وهي تئن من عظامها ، حيث قامت إلى الحمام عند الساعة الثانية وثلاث وأربعين دقيقة ، ولم تمكث أكثر من ثلاث دقائق ، ثم عادت وشربت شرفة ماء ، وتنهدت على الجنب الثاني ، وقالت : إن كنت تسمعيني يا عبير فلا تخبري أمك .
هنا غزة…..