
أسطورة إسمها حقوق الإنسان ، بقلم : إيمان مرشد حماد
إن حقوق الإنسان هي جوهر الكرامة الإنسانية وهي خطوة هامة نحو تحقيق العدالة والمساواة ، ولذا يعتبرُ الدفاع عنها هو المحك الأساسي الذي يظهر إستحقاق الفرد لكلمة إنسان بكل ما تنطوي عليه الكلمة من معاني النبل و الحب والطيبة والإيثار.
ولا غرو أن كل الجامعات تطرح مساقات كثيرة لها علاقة بشكل مباشر بحقوق الإنسان والقانون الدولي ، وينفق أساتذة الجامعات ساعات طويلة في تدريس طلبتهم مبادئ القانون الدولي والاتفاقيات المرتبطة بحقوق الإنسان، ويتبع هذا الجهد الجبار امتحانات وأسئلة وندوات وسهر وحفظ للقوانين وأرقامها ونصوصها ،وكذلك مراجعات جادة لبنود الاتفاقيات والمواثيق الدولية. وليت الأمر مقتصر على طلبة القانون والعلوم السياسية، بل أيضاً يمتد ليشمل طلبة التخصصات الأخرى.
على سبيل المثال نحن كمتخصصين في اللغة الإنجليزية وآدابها انفقنا سنوات من عمرنا في دراسة الأدب الإنجليزي وقرانا الكثير في الأدب الأوروبي المترجم وحفظنا الكثير من المفردات والاقتباسات الأدبية عن حق الإختلاف وحرية التعبير وحقوق الإنسان وحقه في أخذ قرارته بنفسه وتقرير مصيره. وعندما كنا نقوم بتحليل الأعمال الأدبية المختلفة كان في جوهر التحليل حقوق الأفراد واحترام حرياتهم والتأكيد على الالتزام بالقوانين المرتبطة بحقوق الدول والأفراد والتركيز على حقوق النساء وضرورة حماية الأطفال.
ومن الأمثلة المدهشة كانت الأعمال الأدبية التي كان الشيطان نفسه أحد شخوصها، حتى هذه لم تخلو من التركيز على حقوق الفرد ، وقد كانت حرية التعبير عن الذات وإبداء الرأي هي المغزى الأساسي والهدف الأسمى . فحتى إبليس عند الكثير من الكتاب الأوروبين كان يدافع بشراسة عن حقه في الاختلاف ويطالب بالديموقراطية حتى في قعر الجحيم.
اما الآن فقد كبرنا ورأينا بأم أعيننا حجم الخديعة وكيف ان النظريات لا شأن لها بالتطبيق وان التغني بالشعارات يختلف عن وضعها حيز التنفيذ ، وأدركنا ان الاتفاقيات الدولية لا تتعدى كونها نظريات أُفرغت من محتواها وبقيت حبيسة الادراج والملفات. اما القانون وسيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها فمن الأفضل أن يُدرس في قسم الأساطير ( الميثولوجيا) لأنها أصبحت ضربا من الخيال .
اما الجزء الموسف حقاً هو ان الإنسان لم ينضج ليفهَمَ أن انتهاك حقوق أخيه الإنسان هو تهديد صارخ لإنسانيته . وهذا يذكرني بمقولة
مارتن لوثر كينغ ، القائد البارز في حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية حين قال :
“الظلم في أي مكان هو تهديد للعدالة في كل مكان.”
وقد “حان الوقت كي نجعل العدالة حقيقة لجميع الناس.”
هذه الأقوال وغيرها تعكس رؤيا عميقة للعدالة كقيمة أساسية يجب أن تسود في كل المجتمعات. فالعدالة ليست مجرد هدف، بل ضرورة ملحة لتحقيق المساوة والحرية والأزدهار و هذه الأهداف كانت تشكل الجوهر الاساسي لمطالب الثورة الفرنسية.
فهل يشعر الإنسان في هذا العالم ” المتحضر ” الذي يكيل كل الأمور بمكيالين بحجم المأساة التي نحياها كشعوب احتلت أراضيها وسلبت حقوقها بشكل سافر عندما يموت الإنسان لأنه اراد ان يحصل على حقه في حياة حرة وكريمة في بلاد يسودها العدل والحرية والمساوة. هل من العدالة أن يموت الإنسان متوسدا قهره لأنه قضى عمراً بأكمله يبحث عن ابسط حقوقه ولكن حياته سُلِبت منه فقط لأنه سعى وراء حقه الأساسي؟
إيمان مرشد حماد