11:35 مساءً / 25 مارس، 2025
آخر الاخبار

الأستاذة وسام الخطيب ، قلبٌ يحتضن الأطفال، وأمٌّ تُربّي بإنسانية ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذة وسام الخطيب ، قلبٌ يحتضن الأطفال، وأمٌّ تُربّي بإنسانية ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذة وسام الخطيب ، قلبٌ يحتضن الأطفال، وأمٌّ تُربّي بإنسانية ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

هناك أشخاصٌ يمرّون في حياتنا مرور النسيم، لا نشعر بحضورهم فقط، بل نشعر بدفئهم، بإنسانيتهم، بتأثيرهم العميق الذي لا يُمحى. أشخاصٌ جعلوا من العطاء رسالةً، ومن الحبّ طريقًا، ومن التربية فنًّا لا يُجيده إلا أصحاب القلوب الكبيرة.

ومن بين هؤلاء الذين تركوا في حياتي أثرًا لا يُنسى، بل نقشوا بصمتهم في صفحات العمر بحروفٍ من نور، الأستاذة الفاضلة وسام الخطيب، مديرة روضة الإيمان السابقة، الإنسانة التي لم تكن مجرد مديرة، بل كانت أمًّا ثانيةً لكل طفلٍ، ويدًا حانيةً تُربّت على قلوب الصغار قبل أن تُمسك بأيديهم لتمضي بهم في أولى خطواتهم في درب العلم.

المعلم… رسول المعرفة، والأمُّ الثانية للطفل

كنتُ أؤمن دائمًا أن مهنة التعليم ليست مجرد وظيفة، بل هي رسالة، والمعلم ليس مجرد ناقلٍ للمعرفة، بل هو رسولٌ يحمل النور إلى العقول الصغيرة التي لم تُدرك بعد اتساع هذا العالم. وكنتُ دائمًا أضع في قلبي حبًّا لا محدودًا لطلابي، أعاملهم وكأنهم أبنائي، وأعطيهم من حناني كما لو أنهم امتدادٌ لروحي.

وكم كانت الحياة كريمةً معي، إذ ردّ الله لي هذا العطاء بمثله، وجعلني ألتقي بمعلماتٍ رائعاتٍ كنَّ نعم الأمهات لابنتي الوحيدة تاليا، وكأن القدر أراد أن يُعيد إليّ ما منحته لطلابي، بحبٍّ يُرضي الله، وبركةٍ لا تنتهي.

ومن بين هؤلاء، كانت الأستاذة وسام الخطيب، التي لم تكن مجرد مديرةٍ لروضة، بل كانت أختًا، وصديقةً، وزميلةً، وأمًّا حنونةً لكل طفلٍ وطالب، امرأةً تحمل بين يديها مفتاح الحب، تُربي كما تُربي الأمهات، وتُعطي دون انتظار مقابل، وتزرع الأمل في قلوب الصغار قبل أن تزرعه في عقولهم.

أمٌّ بألف معنى… من يربي بحبٍّ يفوق من يلد!

أجمل ما يبقى من الإنسان ليس الألقاب، ولا المناصب، بل أثره الطيب، وهذا الأثر كان حاضرًا في كل لحظةٍ عاشها الأطفال في روضة الإيمان تحت جناح الأستاذة وسام الخطيب.

من أجمل المواقف التي لن أنساها أبدًا، هو ذلك المشهد الذي ظل محفورًا في قلبي، مشهدٌ يُجسّد المعنى الحقيقي للأمومة، ويُثبت أن الأمّ ليست فقط من تلد، بل من تربي وتمنح بحبٍّ صادق.

كانت هناك طفلةٌ يتيمة في الروضة، وكنتُ كلّما ذهبتُ لإيصال ابنتي أو لاصطحابها، أرى الأستاذة وسام تحتضن هذه الطفلة كما لو أنها ابنتها، تمسح على رأسها بحنانٍ، تُمسك يدها كأنها أمٌّ تخشى أن تفلت صغيرتها من بين أصابعها، تُربّت على كتفها، تمنحها من عاطفتها ما يجعلها تشعر أن الحياة لا تزال بخير، وأن في هذا العالم قلوبًا تُعوّض الفقد، وأحضانًا تحتضن من حرمتهم الأقدار من دفء الأهل.

كم هو جميلٌ أن يكون الإنسان نورًا في حياة الآخرين، وكم هو عظيمٌ أن يترك أثرًا كهذا، فالأثر الطيب لا يُمحى، والحنان الذي يُزرع في القلوب يبقى حتى وإن غابت الوجوه.

يومُ التخرّج… حين تُرسم البسمة على وجوه الأطفال

وتمرّ الأيام، وتأتي لحظات الفرح الكبرى، تلك اللحظات التي ينتظرها كل طفلٍ بحماسٍ لا يوصف، ويترقبها كل والدٍ ووالدةٍ بقلوبٍ تنبض بالفخر… يوم الحفل السنوي والتخرج.

كان حضور الأستاذة وسام الخطيب في ذلك اليوم أكثر من مجرّد حضورٍ إداري، كانت روحًا تُضيء المكان، وقلبًا يعمل بصمتٍ ليضمن أن يكون هذا اليوم من أجمل ذكريات الأطفال وأهلهم.

كنتُ أراقبها وهي تُنظّم، تُشرف، تتابع، تُساعد، تعمل بجهدٍ وكأنها تكتب فصلًا أخيرًا من حكاية حبٍّ ممتدة، حكاية بدأت منذ أن وطأت أقدام هؤلاء الأطفال أرض الروضة، وانتهت بهذا اليوم الذي ستظل ذكرياته محفورةً في قلوبهم.

وما زاد هذا اليوم جمالًا، هو فرحة ابنتي تاليا عندما تسلّمت هديتها وشهادتها، تلك الفرحة التي لم تكن مجرد ابتسامةٍ عابرة، بل كانت نورًا يُضيء وجهها، وإحساسًا بالإنجاز، وشعورًا بالحبّ الذي زرعته الأستاذة وسام في كل لحظةٍ من لحظات دراستها في الروضة.

شكرًا لمن يزرع البسمة، ويترك الأثر الطيب

شكرًا أستاذة وسام الخطيب، لأنكِ لم تكوني فقط مديرة روضة، بل كنتِ أمًّا، وصديقةً، وأختًا، ومربيةً عظيمة.

شكرًا لأنكِ رسمتِ البسمة على وجوه الأطفال، ولأنكِ صنعتِ لهم ذكرياتٍ جميلة ستبقى معهم مدى العمر.

شكرًا لأنكِ علمتِ الجميع أن التربية ليست مجرد تعليمٍ، بل حبٌّ واحتواءٌ وعطاءٌ لا حدود له.

شكرًا لأن أثركِ سيبقى، لأن الأثر الطيب لا يمحوه الزمن، ولأن الحبّ الذي يُزرع بصدقٍ، يُثمر أجمل الحكايات.

شاهد أيضاً

القيادي في المبادرة الوطنية المهندس غسان جابر يرثي المناضل محمد الحوراني

شفا – رثى القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية المهندس غسان جابر المناضل محمد الحوراني …