2:47 صباحًا / 28 مارس، 2025
آخر الاخبار

الدكتور محمد سليم بشارات ، قامةٌ علمية، وروحٌ متواضعة، وأثرٌ لا يُمحى ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الدكتور محمد سليم بشارات ، قامةٌ علمية، وروحٌ متواضعة، وأثرٌ لا يُمحى ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الدكتور محمد سليم بشارات ، قامةٌ علمية، وروحٌ متواضعة، وأثرٌ لا يُمحى ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

يمرّ في حياتنا أناسٌ يتركون بصمةً لا تُمحى، وأثرًا يمتدّ كالنور في دروب العلم والمعرفة، فيكونون كالغيث الذي يُحيي الأرض بعد جدبها، وكالنور الذي يبدّد العتمة في طريق السائرين. ومن بين هؤلاء، كان لقائي بالدكتور المحترم محمد بشارات، الرجل التربوي المثقف، وصاحب الفكر النيّر، والروح المتواضعة التي لا تعرف الغرور.

كان تعرّفي إليه وليد الصدفة، حين جمعنا اسم العائلة نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ليصبح هذا التشابه في الأسماء جسرًا لحوارٍ راقٍ، ونقطة انطلاقٍ لتبادل الفكر والتجربة. وما زلتُ أذكر كلماته الأولى لي عندما قال بإعجاب:


“ما شاء الله عليكِ، لديكِ نشاط بحثي رائع، وأنا أتابع دائمًا ما تنشرينه من أعمال ومقالات.”

كانت كلماته بمثابة شهادةٍ أعتزّ بها، ليس فقط لأنها جاءت من شخصيةٍ أكاديمية مرموقة، بل لأنها جاءت بصدقٍ ينبع من رجلٍ عرف كيف يجعل من العلم رسالةً، ومن التربية رسالةً، ومن التواضع قيمةً تُدرّس.

حين يصبح التعليم إبداعًا، والتدريب رسالة

مرت الأيام، وكأنّها تنسج خيوط القدر ليتحقق اللقاء على أرض الوطن، عندما زار الدكتور محمد بشارات فلسطين، وتحديدًا مدينة جنين، حيث جاء محمّلًا بالعلم والخبرة ليُقدّم دوراتٍ تدريبية للمعلمين، واضعًا أمامهم رؤىً جديدةً في ميدان التعليم، وكيف يمكن تحويله من مجرد مهنة إلى رسالة، ومن عملية تقليدية إلى تجربةٍ إبداعية، ومن نقلٍ للمعلومات إلى إحياءٍ للمعرفة.

كان أحد أبرز محاور خطته التدريبية “المعلم المبدع”، حيث وقف أمام المعلمين ليؤكد لهم أن التعليم لا يكون ناجحًا إلا إذا كان إبداعيًا، وأن المعلم الحقيقي ليس مجرد ناقلٍ للمعرفة، بل هو فنانٌ يُتقن فنّ الوصول إلى عقول طلابه، ويجيد اكتشاف المفاتيح التي تفتح أبواب التعلم في نفوسهم.

وما أروع قوله في إحدى محاضراته:


“كل طالبٍ له مفتاحُ تعلّمٍ خاصٌ به، والمعلم المبدع هو الذي يمتلك هذه المفاتيح.”

عبارةٌ تختصر فلسفةً تربويةً عميقة، فليس كل من حمل كتابًا أو وقف أمام الطلاب يُدعى معلمًا، بل المعلم الحقيقي هو الذي يستطيع أن يكتشف لغة كل طالب، ويُترجم احتياجاته، ويفتح أمامه أبواب المعرفة بطرقٍ تتناسب مع شخصيته، وقدراته، وميوله.

قامةٌ علمية نفتخر بها

إن الدكتور محمد بشارات ليس مجرد أكاديمي أو مدرب دولي، بل هو نموذجٌ حيّ للعالم المتواضع، والمعلّم الملهم، والباحث الذي لا يكتفي بحصد المعرفة، بل يسعى لنشرها بصدقٍ وحبّ.

لقد حضرت له العديد من المحاضرات، ووجدته صاحب رؤية، وحامل رسالة، ومنارةً تُضيء عقول الطلاب والمعلمين على حدٍّ سواء. فكل لقاءٍ معه كان بمثابة نافذةٍ تُفتح على آفاق جديدة في التعليم، وكل محاضرةٍ له كانت درسًا في الإبداع التربوي، وكل كلمةٍ ينطق بها تحمل بين طيّاتها فلسفةً وتجربةً ورؤيةً مستقبليةً تجعل من التعليم تجربةً إنسانيةً تُلامس الأرواح قبل العقول.

شكرًا لأنك تركت أثرًا طيّبًا

شكرًا دكتور محمد بشارات، لأنك كنت نموذجًا للعالم الذي يجمع بين العلم والتواضع، بين الفكر والرقيّ، بين التجربة والتجديد.

شكرًا لأنك جعلت من التعليم رسالةً سامية، ومن التدريب وسيلةً لصناعة الفرق، ومن المعرفة بابًا يُفتح أمام الجميع دون استثناء.

شكرًا لتعاملك الراقي، ولأثرك الطيّب الذي سيظلّ شاهدًا على أن الإنسان لا يُقاس بما يملك من شهادات، بل بما يتركه من بصماتٍ في قلوب الآخرين وعقولهم.

وهكذا، يبقى المعلم المبدع هو الذي يزرع بذور المعرفة، ويُرشد العقول إلى دروب النور، ويترك أثرًا لا يُمحى في كل من يلتقي به… وأنت، دكتور محمد سليم بشارات، كنتَ واحدًا من هؤلاء!

شاهد أيضاً

الاحتلال يعتقل مواطنا ويداهم منزلين في برقين غرب جنين

الاحتلال يعتقل مواطنا ويداهم منزلين في برقين غرب جنين

شفا – اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مواطنا من بلدة برقين غرب جنين. وقالت مصادر محلية، …