2:21 صباحًا / 25 مارس، 2025
آخر الاخبار

كرم معلمك ، عندما يصبح التقدير أثرًا خالدًا ، الدكتور الفاضل محمد أبو الهيجا ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

كرم معلمك ، عندما يصبح التقدير أثرًا خالدًا ، الدكتور الفاضل محمد أبو الهيجا ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

كرم معلمك ، عندما يصبح التقدير أثرًا خالدًا ، الدكتور الفاضل محمد أبو الهيجا ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

هناك مبادراتٌ تُطلق لتكون مجرد مشاريع عابرة، وهناك أخرى تُولد من قلب الإنسانية، لتُخلّد أثرًا لا يُمحى في ذاكرة الزمن، فتتحوّل إلى نورٍ يشعُّ في القلوب، ويترك بصماتٍ لا تُنسى في نفوس من حظوا بها. ومن بين أروع المبادرات التي انبثقت من عمق القيم الأخلاقية والاجتماعية في فلسطين، وتحديدًا في مدينة جنين القسام، مبادرة “كرم معلمك”، التي تحمل في جوهرها رسالة شكرٍ وامتنان لكل معلمٍ ومعلمة أفنوا أعمارهم في تنشئة الأجيال، وتنوير العقول، وبناء المجتمعات.

بصمة وفاءٍ تليقُ بأصحاب الفضل

تلك المبادرة ليست مجرد تكريمٍ رمزيٍّ للمعلمين، بل هي لوحة شرفٍ تُسطَّر بأحرفٍ من نور، تقديرًا لمن وقفوا يومًا على منصات العطاء، وأهدوا الحياة علمًا ونورًا وهُدى. يقودها بكل تفانٍ الدكتور الفاضل محمد أبو الهيجا، بمشاركة نخبةٍ من الأكاديميين والأخوات الفاضلات، الذين آمنوا أن الوفاء للمعلمين هو جزءٌ من الوفاء للوطن، وأن من صنعوا التاريخ بعلمهم يستحقون أن يُصنع لهم تاريخٌ يُخلّد عطائهم.

لقد عرفتُ الدكتور محمد أبو الهيجا في واحدةٍ من المحطات التي علّمتني معنى العمل التطوعي الحقيقي، حينما أعلنت الإغاثة الطبية الفلسطينية عن دورةٍ للإسعاف الأولي، وكنت من المشاركين فيها. لم تكن مجرد دورةٍ تعليمية، بل كانت رحلةً في عالم البذل والإحسان، حيث تعلّمت أن العطاء لا يقتصر على تقديم المعرفة، بل يشمل مدَّ يد العون، والتكاتف، وصنع الفرق في حياة الآخرين.

لحظةٌ لا تُنسى… حين يصبح التقدير ذكرى خالدة

مرت الأيام، وكُنت أُدرّس في إحدى المدارس الخاصة، حيث كان لدينا معلمةٌ عظيمة أرادت التقاعد بعد سنواتٍ من العطاء والتفاني. شعرتُ أن تلك اللحظة يجب ألا تمر مرور الكرام، فالمعلم حين يُغادر ميدانه، لا يجب أن يُترك وحيدًا في ظلال النسيان، بل يجب أن يُحاط بوقفة امتنانٍ تُخبره أن كل حرفٍ خطّه، وكل علمٍ نقله، وكل جهدٍ بذله، قد كُتب في سجلّ الخالدين.

تواصلتُ مع الدكتور محمد أبو الهيجا، وأخبرته عن الأمر، وما كان منه إلا أن لبّى النداء بكل حبٍّ وتقدير، وحمل رسالة المبادرة إلى المدرسة بكل احترامٍ ورقيّ. لم يكن مجرد تكريمٍ رسمي، بل كان احتفاءً يليق بمن حملت على عاتقها مسؤولية التربية والتعليم. عندما تلقّت المعلمة درع التكريم، نظرت إليّ بعينين تملؤهما الدموع، وقالت كلماتٍ ستبقى محفورةً في وجداني:

“شكرًا لذكرى لن أنساها، وشكرًا لأنني سأفتخر أمام أبنائي وزوجي بمهنتي كمعلمةٍ وعطائي… لقد خلقتم لي تاريخًا وذكرى العمر!”

أثرٌ لا يُنسى… حين يصل الوفاء إلى بُعدٍ إنساني أعمق

هذه الكلمات كانت أكبر دليلٍ على أن التقدير الحقيقي لا يُنسى، بل يتحوّل إلى إرثٍ جميلٍ يحمله الإنسان معه مدى الحياة. فالمعلم ليس مجرد ناقلٍ للمعرفة، بل هو باني أجيالٍ، ومهندسٌ للوعي، وسفيرٌ للنور، وإذا لم يُحط بالتقدير الذي يستحقه، فقد يخفت وهج الرسالة التي يحملها.

امتداد العطاء… حين يصل التقدير إلى ما وراء الحدود

مرت الأيام، وأكملتُ مسيرتي العلمية، حتى تخرّجتُ من جامعة يوسيم في ماليزيا، وكان لي شرف إجراء مقابلةٍ على التلفاز الماليزي، تحدثتُ فيها عن تجربتي الأكاديمية، وطموحاتي، وفلسطين التي تسكنني حيثما ذهبتُ.

وكم كانت لفتةً كريمةً ومؤثرة من الدكتور محمد أبو الهيجا، حين شارك تلك المقابلة وكتب كلماتٍ عميقة الأثر:

“نفتخر بماجدات فلسطين، ومبارك للدكتورة تهاني بشارات!”

تلك الكلمات لم تكن مجرد تهنئة، بل كانت رسالة حبٍّ وفخرٍ تُشبه نَسْمات الوطن حين تعبر الغربة، فتُعيد الروح إلى جذورها. كانت صوتًا يُخبرني أن من يحملون رسالة العطاء لا يُنسون، وأن كل إنجازٍ يتحقق هو ثمرةٌ من غرسٍ سابق، وامتدادٌ لعطاء من سبقونا في الطريق.

“كرم معلمك”… مبادرةٌ تصنع أثرًا خالدًا

ليس كل التكريم يحتاج إلى ضجيجٍ وأضواء، فبعضه يكفي أن يكون صادقًا، نابعًا من القلب، ليصل إلى القلوب دون استئذان. مبادرة “كرم معلمك” هي شاهدٌ حيٌّ على أن العطاء لا يموت، وأن الوفاء للمعلم هو جزءٌ من الوفاء للوطن، وأن الفلسطيني أينما وُجد، هو حاملٌ لراية الشكر والعرفان لمن صنعوا وعيه، ورسموا دربه، وأضاءوا مسيرته.

كل الاحترام والتقدير للدكتور محمد أبو الهيجا، ولكل القائمين على هذه المبادرة النبيلة، لأنكم تركتم أثرًا في قلوب المعلمين والمعلمات، وجعلتم العطاء يُقابَل بالتقدير، والجهد يُثمّن بالتكريم، والإنسان يُحاط بالاحترام الذي يليقُ به.

شكرًا لمبادرة “كرم معلمك”، لأنكم أنتم أصحاب الأثر الطيب والجميل، أنتم الضوء الذي يُعيد للحياة معناها، أنتم الذين تصنعون الفرق في زمنٍ يحتاج إلى الوفاء أكثر من أي وقتٍ مضى!

شاهد أيضاً

محافظ حنين كمال أبو الرب يستقبل قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء إبراهيم خليل العبد واللواء الركن أكرم ثوابته

محافظ حنين كمال أبو الرب يستقبل قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء إبراهيم خليل العبد واللواء الركن أكرم ثوابته

شفا – استقبل محافظ حنين أ. كمال أبو الرب في دار المحافظة ، اليوم ، …