1:50 صباحًا / 25 مارس، 2025
آخر الاخبار

إنما الإنسان أثر ، الأستاذ الفاضل رائد بركات ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

إنما الإنسان أثر ، الأستاذ الفاضل رائد بركات ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

إنما الإنسان أثر ، الأستاذ الفاضل رائد بركات ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

هناك أشخاصٌ في هذه الحياة لا يحتاجون إلى لقاءاتٍ متكرّرة أو معرفةٍ طويلة كي يتركوا أثرًا لا يُمحى، فمجرد التعامل معهم ولو لمرة واحدة كافٍ ليُخلّد ذكراهم في القلب والعقل. هم أولئك الذين يحملون في أرواحهم طُهر النقاء، وفي أخلاقهم سموّ الإنسانية، وفي تعاملهم لمسة من الرقي الذي يُعطي للحياة معنى أعمق.

الأستاذ الفاضل رائد بركات، رجلٌ لم ألتقه شخصيًا، لكنني شعرتُ من خلال تواصلي معه وكأنني أمام إنسانٍ يحملُ في داخله نُبل الفلسطيني الأصيل، وكرم النفس الذي لا يعرف حدودًا، وروحًا مفعمة بالإيثار والعطاء. عندما كنت أُجهّز أوراقي الخاصة لمعادلة شهادة الدكتوراه، تواصلتُ معه بصفته المدير المسؤول عن هذه الإجراءات، لكنه كان قد تقاعد بعد مسيرةٍ زاخرةٍ بالعطاء والإنجازات. ورغم أنه لم يكن على رأس عمله، إلا أن روحه المُخلصة وضميره الحيّ كانا لا يزالان في موقع المسؤولية، وكأن العطاء بالنسبة له ليس منصبًا يشغله الإنسان، بل سلوكٌ راسخٌ في وجدانه لا يرتبط بزمنٍ أو وظيفة.

يدٌ تمتد بالخير حتى بعد التقاعد

ما أروع أن تجد شخصًا، رغم خروجه من دائرة العمل الرسمي، لا يزال يحمل في داخله روح المساعدة، ولا يبخل على أحد بخبرته، ولا يتوانى عن إرشاد من يحتاج إليه. هذا ما لمستهُ في الأستاذ رائد، فقد زوّدني بجميع المعلومات والوثائق المطلوبة، وأرسل لي نموذج طلب الاعتراف ومعادلة الشهادة دون أي تردد، وكأنه كان يرى في مساعدتي واجبًا أخلاقيًا لا يمكن أن يتجاهله. كان حديثه دافئًا يحمل من الاحترام ما يجعلك تُقدّر هذا الرجل دون أن تراه، وكان توجيهه واضحًا وصريحًا، يعكس خبرة سنواتٍ طويلة من العمل والإخلاص.

ومرّت الأيام، واحتجت لاحقًا إلى استشارةٍ قانونية حول إجراءات عمل وكالةٍ لأخي، ليتمكن من متابعة معادلة شهادتي بالنيابة عني، فلم أتردد في التواصل معه مُجددًا، ورغم أن الأمر لم يكن ضمن مسؤولياته المباشرة، إلا أن كرم أخلاقه وتواضعه اللامحدود جعلاه يُقدّم لي كل ما أحتاجه من معلوماتٍ دون تردد، بل بحرصٍ شديد على أن أحصل على الفائدة المرجوّة.

أثرٌ خالد ونموذجٌ للإنسان الفلسطيني الأصيل

في زمنٍ باتت المصالح هي التي تُحرّك العلاقات، ويُقدَّم فيه العمل بمقابل، قلّما تجد أشخاصًا يعطون بصدق، ويساعدون بحب، ويرشدون بإخلاصٍ دون أن ينتظروا شيئًا في المقابل. الأستاذ رائد بركات هو نموذجٌ حيٌ للإنسان الفلسطيني النبيل، ذلك الإنسان الذي يؤمن أن بصمته الحقيقية ليست في منصبٍ يتقلّده أو وظيفةٍ يشغلها، بل في الأثر الطيب الذي يتركه في حياة الآخرين.

لم تكن مساعدته لي مجرد إجراءٍ رسمي، بل كانت درسًا في الأخلاق، وقيمةً معنويةً تتجاوز حدود الأوراق والمستندات. فمن يُقدّم العون لغيره دون مصلحةٍ شخصية، ومن يُرشد السائل دون مللٍ أو تردد، ومن يحرص على نفع الناس حتى بعد تقاعده، هو إنسانٌ يُجسّد أسمى معاني العطاء، ويُخلّد أثره في قلوب من عرفوه.

شكرًا من القلب، أستاذ رائد، لأنك أثبت لي أن العطاء لا يرتبط بمنصب، وأن النُبل لا يحتاج إلى ألقاب، وأن الإنسان يُمكنه أن يكون أثرًا مضيئًا في حياة الآخرين حتى بعد أن يغادر منصبه. شكرًا لأنك تركت في نفسي أثرًا جميلًا لا يُنسى، وجعلتني أُدرك أن هناك قلوبًا تُنير الحياة بمجرد تعاملها الصادق والمخلص.

شاهد أيضاً

محافظ حنين كمال أبو الرب يستقبل قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء إبراهيم خليل العبد واللواء الركن أكرم ثوابته

محافظ حنين كمال أبو الرب يستقبل قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء إبراهيم خليل العبد واللواء الركن أكرم ثوابته

شفا – استقبل محافظ حنين أ. كمال أبو الرب في دار المحافظة ، اليوم ، …