5:20 مساءً / 23 مارس، 2025
آخر الاخبار

الأستاذ الفاضل عماد حنتولي ، بصمةٌ مضيئة في دروب العلم والإنسانية ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذ الفاضل عماد حنتولي ، بصمةٌ مضيئة في دروب العلم والإنسانية ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذ الفاضل عماد حنتولي ، بصمةٌ مضيئة في دروب العلم والإنسانية ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

في رحلة الحياة، نلتقي بأشخاصٍ يمرّون كالعابرين، لا يتركون أثرًا ولا يبقى لهم في الذاكرة سوى ظلٍ باهت. ولكن هناك آخرون، وجودهم يشبه الضياء الذي ينير الدرب، والماء العذب الذي يروي ظمأ العابرين. هؤلاء، حضورهم ليس عابرًا، بل هم محطاتٌ نتوقف عندها طويلًا، نستظلّ بها حين تشتدّ علينا الحياة، ونحمل من أثرهم ما يبقى معنا للأبد.

ومن هؤلاء الذين نقشوا أثرهم الطيب في ذاكرتي، الأستاذ الفاضل عماد حنتولي، الذي كان لي شرف العمل معه عندما التحقت بجامعة القدس المفتوحة بعد حصولي على درجة الماجستير. كان اللقاء الأول أشبه بمن يخطو أولى خطواته في بحرٍ واسع، لا يعرف أسراره، لكنّه يطمئن حين يجد بجانبه ربّانًا ماهرًا، يعرف كيف يرشد السفينة إلى برّ الأمان.

الإنسان الذي لا يعرف سوى العطاء، هكذا كان الأستاذ عماد، رجلٌ يحمل من التواضع ما يجعله قريبًا من الجميع، ومن الطيبة ما يجعله سندًا لمن حوله، ومن الصبر ما يجعله نموذجًا لمن أراد أن يكون معلمًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

لن أنسى موقفه الأول معي، عندما كنتُ كالذي يريد السباحة وهو لا يعرف كيف يطفو فوق الماء، فقد كنتُ حديثة العهد بالعمل الجامعي، وكنتُ مسؤولة عن الشعب الدراسية لأول مرة، وكان الأمر أشبه بتحدٍّ جديدٍ لم أخضه من قبل. لكنّ الأستاذ عماد، بصبره واتّساع صدره وحسن خلقه، قدّم لي كل ما أحتاجه من دعمٍ وإرشاد، لم يبخل بوقته، ولم يتردد في إجابتي عن أي استفسار، بل كان لي معينًا صادقًا يطمئن قلبي وسط كل هذه التفاصيل الجديدة.

وعلى مدار الوقت، كلّما واجهتني مشكلة، كنتُ ألجأ إليه، فكان كالنهر، كلما عدتَ إليه وجدتَه مليئًا بالعطاء، لا ينضب ولا يجف. كان دائم الابتسامة، يستقبل الجميع بصدرٍ رحب، يملك من الحكمة ما يجعله قادرًا على حلّ أي مشكلة، ومن الهدوء ما يجعله مرجعًا لمن يحتاج إلى نصيحة.

ومن المواقف التي تجسّد إنسانيته الراقية، حين حضرت إليه مجموعة من الطالبات بسبب مشكلةٍ ما، فكان كعادته المعلم الحكيم الذي لا يرفع صوته، ولا يضيق صدره، بل يستمع، ويفهم، ثم يضع الحل بكل صبرٍ وهدوء، وكأنّه يريد أن يُعلّم الجميع أن المعلم ليس فقط من يدرّس، بل هو من يربّي، ويحتوي، ويكون الملجأ عند الحاجة.

الأستاذ عماد لم يكن مجرد زميل عمل، بل كان أخًا في الموقف، ومعلمًا في التجربة، وملاذًا عند الحاجة. تعلمت منه أن التواضع لا ينقص من هيبة المعلم، بل يزيده وقارًا، وأن العطاء لا يُنتقص إن منحته للآخرين، بل يزداد في قلب صاحبه نورًا وبركة.

شكرًا أستاذ عماد، بعدد اللحظات التي كنت فيها عونًا لغيرك، بعدد المرات التي قدّمت فيها علمك وخبرتك بسخاء، بعدد القلوب التي تركت فيها أثرًا طيبًا. لأنّ الإنسان أثر، فأثرك باقٍ في قلوب من عرفوك، وفي مسيرة كل من استفاد منك وتعلّم على يديك.

شاهد أيضاً

الاحتلال وضع 849 حاجزا وبوابة في الضفة الغربية

الاحتلال وضع 849 حاجزا وبوابة في الضفة الغربية

شفا – خلص مسح سريع أجراه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية …