5:27 مساءً / 18 مارس، 2025
آخر الاخبار

الطمع والظلم ، كيف يسلب الجشع إنسانية البشر ، بقلم : هدى زوين

الطمع والظلم ، كيف يسلب الجشع إنسانية البشر ، بقلم : هدى زوين

الإنسان بطبيعته يحمل نزعات متناقضة، بين الخير والشر، بين العدل والظلم، وبين القناعة والطمع. غير أن الطمع، حين يستوطن النفس، يتحول إلى وحش لا يشبع، يدفع بصاحبه إلى تجاوز كل القيم والمبادئ، مستبيحًا حقوق الآخرين دون وازع من ضمير. في هذا الصراع المستمر، يصبح الظلم نتيجة حتمية، حيث تتلاشى الرحمة ويهيمن الجشع، مما يخلق دوامة من القهر والاستغلال.

الطمع ليس مجرد رغبة في المزيد، بل هو حالة من الهوس اللامحدود بالامتلاك والسيطرة. وهو يتجذر في النفس عندما يشعر الإنسان بعدم الاكتفاء، فتتحول حاجاته الطبيعية إلى مطالب لا تنتهي، ويصبح مهووسًا بجمع الثروات أو النفوذ دون اعتبار لعواقب أفعاله.

ولكن، متى يتحول الطمع من مجرد رغبة في التطور إلى وحش مدمر؟ يحدث ذلك عندما يفقد الإنسان بوصلته الأخلاقية، ويصبح على استعداد للغدر والخداع والتعدي على حقوق الآخرين من أجل تحقيق مصالحه. وهنا يصبح الطمع قوة سلبية تقود إلى الظلم، حيث لا يعود الإنسان يرى الآخرين إلا كأدوات لتحقيق رغباته.

اما الظلم هو الأثر المباشر للطمع، حيث يتحول الجشع إلى دافع لإقصاء الآخرين وحرمانهم من حقوقهم. فالطامع يريد كل شيء لنفسه، ولا يتورع عن سحق من يقف في طريقه. في المجتمعات التي ينتشر فيها الطمع، نرى أن الظلم يأخذ أشكالًا متعددة، من استغلال الفقراء وسلب حقوق العمال، إلى الفساد السياسي والاقتصادي الذي يدمر الأمم.

ولكن، لماذا يسمح البعض لأنفسهم بممارسة الظلم؟ لأنهم يعتقدون أن القوة تمنحهم الحق، وأن الامتلاك يمنحهم السيادة. غير أن هذا الوهم لا يدوم طويلًا، فالتاريخ يشهد أن كل من أسرف في الظلم انتهى به الأمر إلى السقوط، لأن العدل وإن تأخر، فإنه لا يموت.


هل يمكن للإنسان أن يتحرر من قيود الطمع؟

القضاء على الطمع والظلم ليس أمرًا بسيطًا، لكنه يبدأ من الداخل. يحتاج الإنسان إلى تربية نفسه على القناعة والعدل، وإدراك أن السعادة الحقيقية لا تكمن في الامتلاك المادي، بل في تحقيق التوازن بين الرغبة والرضا. المجتمعات أيضًا عليها أن تبني أنظمة تضمن العدالة وتكافؤ الفرص، حتى لا يتحول الطمع إلى سلوك طبيعي يلتهم القيم الأخلاقية.

كما أن الوعي هو السلاح الأقوى في مواجهة الطمع والظلم. حين يدرك الإنسان أن الجشع لا يؤدي إلا إلى دمار الروح، وأن الظلم ليس قوة بل ضعف، فإنه سيبدأ في تغيير مساره. لهذا، فإن التثقيف ونشر القيم الأخلاقية يعدان من أهم الأسلحة في محاربة هذه الآفات.


الطمع والظلم ليسا مجرد صفات سيئة، بل هما أمراض تنهش روح الإنسان وتفسد المجتمعات. وحين يستيقظ الإنسان من وهم الجشع، سيدرك أن الامتلاك بلا حدود ليس سوى سراب، وأن العدل وحده هو ما يضمن البقاء.

فما قيمة المال إذا كان على حساب الإنسانية؟ وما قيمة القوة إن كانت تُبنى على أنقاض الآخرين؟ في النهاية، كل طاغٍ سيسقط، وكل ظالم سيحاسب، لأن العدل، مهما تأخر، سيظل الحقيقة الوحيدة التي لا تموت.

شاهد أيضاً

بيت لحم : استشهاد الأسير المحرر كاظم زواهرة متأثرا بجروحه

شفا – أعلنت مصادر طبية في مستشفى بيت جالا الحكومي اليوم الثلاثاء، استشهاد الأسير المحرر …