
إشراقة علم وأثر خالد ، الدكتور الباحث إسلام إسماعيل ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
هناك أشخاص يُولدون بشغف لا يهدأ، وعزيمة لا تُقهر، يرون في العلم رسالة سامية، وفي البحث بوابةً لاكتشاف العوالم المجهولة، وفي العطاء واجبًا لا يقبل التأجيل. ومن بين هؤلاء المبدعين الذين يُخلّدون أسماءهم في صفحات المعرفة، كان الدكتور الباحث إسلام إسماعيل، الذي لم يكن مجرد باحثٍ أكاديمي، بل نموذجًا نادرًا للعقل المتقد، والطموح الذي لا يعرف سقفًا، والإرادة التي تصنع من الصعاب سُلّمًا نحو النجاح.
تعرفتُ على الدكتور إسلام عبر زميلة جمعتني بها مسارات البحث، حين كنت أبحث عن شريك أكاديمي يحمل ذات الرؤية والالتزام للمشاركة في مشروع بحثي، وما إن بدأنا التعاون حتى أدركتُ أنني أمام شخصية علمية استثنائية، تمتلك نضجًا فكريًا يسبق عمره، وخبرة بحثية تجعله في مصافّ العلماء المتمرسين. رغم حداثة سنّه، إلا أنه استطاع أن يترك أثرًا واسعًا في المجال الأكاديمي، إذ نشر أكثر من خمسة وعشرين بحثًا في مجلات عالمية ذات تأثير عالٍ، وكأن قلمه لا يكلّ، وعقله لا يتوقف عن السعي وراء المعرفة.
لكن التميّز لم يكن ليقف عند هذا الحد، بل كانت تطلعاته تتجاوز حدود البحث الشخصي، نحو بناء بيئة علمية أكثر شمولًا وإثراءً. ولهذا، أطلق مبادرة استثنائية بتأسيس مجلته العلمية الخاصة “Dibon Journal of Education”، والتي لم تكن مجرد منصة للنشر الأكاديمي، بل كانت حلمًا متجسدًا في مشروع عالمي يجمع بين صفحاته عقولًا نيّرة من مختلف أنحاء العالم، من بريطانيا إلى دول أخرى، ليخلق حلقة وصل بين الباحثين، ويمنحهم فضاءً رحبًا لتبادل المعرفة والخبرات.
إن ما يميز الدكتور إسلام إسماعيل ليس فقط قدرته البحثية الفذّة، بل أيضًا روحه النبيلة، وأخلاقه العلمية الراقية، فهو من القلائل الذين جعلوا من العلم صدقة جارية، يُشارك الفرص والمنح الأكاديمية بلا مقابل، ويوجّه الطلاب على صفحات التواصل الاجتماعي، يمدّ يد العون لمن يحتاج، ويقدم النصائح حول النشر وإعادة الصياغة، دون أن يبتغي من ذلك سوى نشر المعرفة، وكأن رسالته في الحياة أن يُضيء الدرب لمن يسير خلفه.
لقد كان لي شرف العمل معه في أكثر من بحث، ووجدتُ فيه باحثًا لا يعرف التهاون، وعالِمًا لا يقبل بأنصاف الحلول، وإنسانًا لا يبخل بالمعرفة. وكم كانت وقفته معي نبيلة حين احتجتُ يومًا لنشر بحث تحت إشراف أستاذتي العزيزة الدكتورة فريزة، فلم يتردد لحظة في تقديم المساعدة، وبذل من وقته وجهده ما يستحق أن يُخلّد شكرًا وامتنانًا. ومرت الأيام، ودارت عجلة القدر، واحتاج هو لاحقًا إلى توزيع استبانات لرسالته الدكتوراه، فكان من دواعي سروري أن أرد له بعضًا من جميله، لأن ما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
الدكتور إسلام إسماعيل، أنتَ لم تكن مجرد باحثٍ عابر في عالم الأكاديميا، بل كنت أثرًا خالدًا في حياة كل من تعامل معك. كنتَ عنوانًا للمعرفة الصادقة، والتعاون المثمر، والإبداع الذي لا يعرف الحدود. شكرًا لك لأنك منحت البحث العلمي روحًا، وجعلت من العطاء رسالةً تستحق أن تُروى، ولأنك كنت – ولا تزال – منارةً علمية تضيء الطريق لغيرها، لتثبت أن الباحث الحقيقي لا يُقاس بعدد أبحاثه فقط، بل بعدد الأثر الذي يتركه في قلوب وعقول من حوله.