2:04 صباحًا / 17 مارس، 2025
آخر الاخبار

    الأستاذة حنين أمين ، صوتُ الثقافة ومرآةُ الصمود الفلسطيني ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

    الأستاذة حنين أمين ، صوتُ الثقافة ومرآةُ الصمود الفلسطيني ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

    الأستاذة حنين أمين ، صوتُ الثقافة ومرآةُ الصمود الفلسطيني ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

    هناك أشخاصٌ يدخلون حياتنا كنسمةٍ رقيقةٍ، لا تُحدث ضجيجًا، لكنها تترك أثرًا عميقًا يُلامس الروح، يبعث فيها الأمل، ويُضيء زواياها بالتشجيع والدعم. ومن بين هؤلاء الذين نقشوا أسماءهم في سجل العطاء الثقافي الفلسطيني، الأستاذة حنين أمين، الإنسانة التي تجسّد في شخصها القوة، الثقافة، والصمود، وتمنح للكلمة معناها الحقيقي حين تكون صوتًا يبعث في القلوب الحياة.

    لقاءٌ أول… وميلادُ دعمٍ لا يُنسى

    تعرّفت على الأستاذة حنين أمين حين أنجزتُ ونشرتُ كتابي الأول “لحن الأمل”، وكان لا بد لي من أن أبحث عن صوتٍ خبيرٍ يُوجّهني ويُرشدني في خطواتي الأولى في عالم النشر والإشهار. لم يكن مجرد تواصلٍ عابر، بل كان بدايةً لعلاقةٍ قائمةٍ على الاحترام، التقدير، والتشجيع الصادق.

    الأستاذة حنين، المديرة والمسؤولة في وزارة الثقافة، لم تكن مجرد مسؤولةٍ تُجيب على استفساراتي، بل كانت روحًا داعمةً، وصوتًا يُحفّز على الاستمرار، ومرآةً تعكس جمال الكلمة الصادقة حين تُقال من القلب. أرسلتُ لها غلاف الكتاب، وبكل رُقيٍّ وذوقٍ أدلت برأيها فيه، قائلةً:

    “ما شاء الله، الغلاف تصميمه جميل، وألوانه هادئة وراقية، باعتقادي يليق بالمحتوى والعنوان الإيجابي والمحفّز. وما يزيد الغلاف جمالًا صورتك، تبارك الله وسيرتك الملهمة. حبيبيتي دكتورة تهاني، كل التوفيق والإبداع ووافر العطاء. يارب أيامك كلها ألحان وأمل.”

    كلماتها لم تكن مجرد إطراءٍ عابر، بل كانت نغمةً من نغمات الثقة، وسُلّمًا من سلالم الأمل التي تسند القلب في رحلته نحو تحقيق الحلم. إنها ذاك النوع من الأشخاص الذين يجعلونك تؤمن بأن لكلمتك قيمة، ولحلمك وزنًا، ولإبداعك مكانًا يليق به في هذا العالم.

    حنين أمين… حين يكون التشجيع رسالةً، والثقافةُ أمانةً

    لم يقتصر دعمها على غلاف الكتاب، بل امتد ليشمل محتواه، حيث أرسلتُ لها أجزاءً متفرقةً منه، وكان ردّها مليئًا بالتحفيز، أثنت على أسلوبي البسيط، الذي يحمل بين كلماته روحًا صادقةً ومُحفّزة. ما أجمل الكلمة الطيبة حين تُقال بصدقٍ! وما أروع أن يكون في طريقك شخصٌ يؤمن بإبداعك، ويشجعك على أن تُخرج أفضل ما لديك!

    مرت الأيام، وتمّت طباعة الكتاب، لكن فرحة إشهاره لم تكتمل، فقد حال الوضع السيء في مدينة جنين دون تنظيم حفلٍ يُليق بهذه اللحظة. لكنني تعلمتُ أن الأحلام لا تُقاس بحجم الاحتفالات، بل بحجم الأثر الذي تتركه في قلوب من يقرؤونها، والأمل الذي تُضيئه في أرواحهم.

    أحياءٌ في الذاكرة… وألمٌ يُترجم إلى كلمات

    ومثلما يكتبُ القدر صفحاتٍ من الأمل، فإنه يكتبُ أيضًا سطورًا من الألم، فتمضي الحياة بين مدٍّ وجزر، بين فرحةٍ نكتبها وحزنٍ لا نملك إلا أن نوثّقه بالكلمات.

    حين بدأتُ العمل على كتابي “أحياءٌ يُرزقون”، كان لا بد أن أتناول قصص الشهداء الذين لم يرحلوا من ذاكرتنا، بل بقوا أحياءً فينا، في كلماتنا، في كفاحنا المستمر. وذات يوم، بينما كنتُ أتابع أحد التقارير، استوقفتني مقابلةٌ للأستاذة حنين أمين، كانت تتحدث فيها عن شقيقها الشهيد زياد، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

    لم أتمالك نفسي، تواصلتُ معها فورًا، طلبتُ منها أن أكتب عنه، أن أجعل من قصته جزءًا من كتابي، فوافقت دون تردد، بل رحّبت بالفكرة بسعادة، وكأنها تقول لي: “إن كانت الكلمة تستطيع أن تُخلّد من نحب، فامنحوه حياةً بين السطور.”

    حنين أمين … وجهُ المرأة الفلسطينية التي لا تنحني

    كيف يمكن أن أصف هذه المرأة الفلسطينية الصابرة، القوية، التي تحمل بين ضلوعها قلبًا ينبض بالعطاء، وعقلًا يُدرك أن الثقافة ليست مجرد كلماتٍ مكتوبة، بل هي رسالةٌ تُحفظ، وصوتٌ يُخلّد الحقيقة؟

    حنين أمين ليست مجرد اسم، بل هي رمزٌ لكل امرأةٍ فلسطينيةٍ لم ينل الألم من عزيمتها، ولم تكسرها المحن، بل جعلتها أقوى، وجعلت من كلماتها سلاحًا يواجه النسيان، ويُعيد رسم الملامح الحقيقية لكل من حاول الاحتلال طمس أسمائهم.

    شكرًا… لأنكِ أثرٌ خالدٌ لا يبهت

    حين يمرّ المرء في دروب الحياة، يلتقي بالكثيرين، بعضهم مجرد عابرين، والبعض الآخر يُصبح جزءًا من قصته، يُضيف إليها معنىً لا يُنسى.

    الأستاذة حنين أمين، أنتِ من أولئك الذين لا يمرّون في الحياة مرورًا عابرًا، بل يتركون فيها أثرًا لا يبهت، وروحًا لا تُنسى.

    شكرًا لكِ على كل كلمةِ تشجيعٍ، على كل رسالةِ دعم، على كل إيمانٍ بأن الكلمة الطيبة قد تصنع فرقًا، وقد تمنح الحلم جناحين يُحلق بهما بعيدًا.

    أنتِ رمزُ المرأة الفلسطينية الصابرة، القوية، المثقفة، التي تُدرك أن رسالتها لا تنتهي عند حدود الكلمة، بل تمتد إلى كل روحٍ تُلهمها، وكل حلمٍ تُسنده، وكل أثرٍ تتركه في الذاكرة.

    دمتِ ودام عطاؤكِ، فأثركِ خالدٌ كخلود الأرض التي تُحبينها، وكقوة الإرث الذي تُدافعين عنه، وكجمال الكلمة التي تكتبينها.

    شاهد أيضاً

    شهيد في قصف للاحتلال جنوب مدينة غزة

    شفا – استشهد شاب في قصف للاحتلال الإسرائيلي جنوب مدينة غزة. وأفاد مراسلنا باستشهاد الشاب …