
شفا – تدين شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية (PNGO) بشدة متطلبات التسجيل الجديدة التي فرضتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي حيث أن هذه الإجراءات ليست مجرد لوائح تنظيمية روتينية بل هي أداة سياسية تهدف إلى السيطرة على العمليات الإنسانية، وتقييد مساحة المجتمع المدني، وإسكات المناصرة الدولية لحقوق الفلسطينيين.
وتؤكد الشبكة إن إجبار المنظمات غير الحكومية الدولية على الامتثال لرقابة مشددة وشروط ذات دوافع سياسية يُعد انتهاكًا صارخًا للمبادئ الإنسانية الأساسية والقانون الدولي. وفقًا للإطار الجديد، تُلزم المنظمات الدولية غير الحكومية بتقديم تفاصيل تشغيلية ومالية واسعة، بما في ذلك بيانات شخصية حساسة لموظفيها الفلسطينيين، مما يعرضهم لمخاطر المضايقات وتقييد حركتهم وحتى الملاحقة القضائية. ولا تضمن هذه المعايير الموافقة على التسجيل، إذ يمكن إلغاؤها تعسفيًا بناءً على معايير سياسية غامضة، مثل الادعاءات بدعم المقاطعة أو الجهود القانونية للمساءلة أو الإدلاء بتصريحات تنتقد سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
وتشير الشبكة إلى أن هذه الإجراءات ليست مجرد تنظيم إداري، بل هي وسيلة لإجبار المنظمات الدولية على الصمت، وتقييد أنشطتها في المناصرة، وعزل المنظمات الفلسطينية عن شركائها الدوليين. وعلى عكس السياقات الأخرى التي تتفاعل فيها المنظمات غير الحكومية مع الحكومات ضمن إجراءات إدارية، فإن حكومة الاحتلال لديها سجلًا موثقًا في استخدام التدابير الأمنية لاستهداف وتقييد وتجريم العاملين في المجال الإنساني. وبهذه الإجراءات، يتعرض الموظفون الفلسطينيون لخطر المضايقة، وتقييد الحركة، والملاحقة القانونية، في حين تمنح دولة الاحتلال نفسها السلطة لاختيار المنظمات الدولية التي يُسمح لها بالبقاء بناءً على انحيازاتها السياسية.
في وقت تغيب فيه القيادة السياسية أو يتم تقييدها، يضطلع المجتمع المدني الفلسطيني بدور حاسم في سد الفجوة، من خلال تقديم الخدمات الأساسية، والدفاع عن حقوق الإنسان، ودعم الجهود القانونية الدولية. والآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب على المجتمع الدولي تعزيز دعم المنظمات الفلسطينية بدلا من السماح لإسرائيل بفرض شروطها على المساعدات الإنسانية. إن طرد المنظمات الدولية غير الحكومية أو إلغاء تسجيلها سيؤدي إلى تدمير المبادرات التي يقودها الفلسطينيين، وقطع التمويل الحيوي، والحد من الخبرات الفنية، ولا سيما حرمان المجتمع الفلسطيني من المنصات العالمية للمناصرة في وقت الحاجة الماسة إليها. إذا تم السماح باستمرار هذه الإجراءات، فستشكل سابقة خطيرة تشجع الحكومات الاستبدادية في جميع أنحاء العالم على فرض قيود سياسية على المنظمات غير الحكومية الدولية، وقمع المعارضين، واستخدام العمل الإنساني كأداة للسيطرة السياسية. يجب على المجتمع الدولي التحرك الآن لمنع هذا التآكل العالمي للمبادئ الإنسانية ومساحة المجتمع المدني .
تدعو شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية PNGO المنظمات الدولية غير الحكومية إلى عدم التعامل مع هذا الإطار القسري للتسجيل، ورفض الامتثال لشروط تقوض استقلاليتها، واتخاذ موقف حازم في الدفاع عن المبادئ الإنسانية والتصدي لهذه الإجراءات بشكل جماعي. وتطالب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والفريق القطري الإنساني (HCT) تبني موقف موحد وقوي ضد هذه التدابير، وضمان حماية المنظمات الدولية غير الحكومية من التدخل السياسي. كما تدعو الأمم المتحدة أن ترفض علنًا هذا الإطار، وتمتنع عن التعامل معه، مما يرسخ سابقة واضحة بأن العمليات الإنسانية يجب أن تبقى مستقلة.
وتطالب الدول المانحة اتخاذ إجراءات فورية، ورفض محاولات الاحتلال الإسرائيلي للتحكم في الجهات المقدمة للمساعدات، وحماية المجتمع المدني الفلسطيني من المزيد من القيود، واستخدام القنوات الدبلوماسية للتصدي لمحاولات الاحتلال عرقلة العمل الإنساني. وتشدد على إن هذا الاعتداء لا يستهدف فقط المنظمات غير الحكومية الدولية ، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تفكيك المجتمع المدني الفلسطيني وقمع المناصرة الدولية.
لا ينبغي للمجتمع الإنساني والحقوقي أن يضفي الشرعية على هذه القيود. حان الوقت لمواجهة التدخل السياسي، والدفاع عن المنظمات الأهلية الفلسطينية، وضمان بقاء المساحة الإنسانية مستقلة ومبنية على المبادئ ومحميّة من الابتزاز والضغوط.