11:35 مساءً / 15 مارس، 2025
آخر الاخبار

الأستاذ الفاضل نسيم قبها ، الكاتب الذي يترك أثرًا لا يزول ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذ الفاضل نسيم قبها ، الكاتب الذي يترك أثرًا لا يزول ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذ الفاضل نسيم قبها ، الكاتب الذي يترك أثرًا لا يزول ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

في مسيرة كل كاتب، هناك محطاتٌ فارقة، وأشخاصٌ يلعبون أدوارًا لا تُنسى، أشخاصٌ لا يمرّون في حياتك مرورًا عابرًا، بل يتركون أثرًا يشبه عبق الياسمين الذي يبقى في الذاكرة مهما مرّ عليه الزمن. والكاتب الفاضل نسيم قبها هو أحد هؤلاء الذين يُمنحون لقب “أهل القلم”، لا لأنهم يكتبون فحسب، بل لأنهم يحملون بين حروفهم قيم العطاء، النبل، والصدق.

حين يكون الدعم صادقًا والمعرفة بلا حدود

عندما كنتُ أضع اللمسات الأخيرة على كتابي الأول “لحن الأمل”، كان لا بد لي من طلب مشورة شخصٍ يفهم المعاني العميقة للأسماء، ويُدرك قوة العنوان وتأثيره. كنتُ قد اخترتُ له اسمًا يحمل بين طياته الأمل والتفاؤل، لكنني شعرتُ بأنني بحاجةٍ إلى رأيٍ خبيرٍ يُوجّهني، فكان الأستاذ الفاضل نسيم قبها هو الوجهة التي قصدتها، ولم يكن خياري خاطئًا أبدًا.

تواصلتُ معه، وكم كان كريمًا في إعطائي من وقته وجهده، لم يُجامل ولم يُقدّم نصائح سطحية، بل فكّك العنوان، وأعاد بناءه معي بمنطق الكاتب المحترف الذي يُدرك كيف تُصاغ العناوين لتترك وقعها العميق في القارئ. اقترح عليّ إزالة كلمة “التفاؤل”، موضحًا أن الأمل وحده يكفي ليحمل رسالةً قوية، وأن التفاؤل متضمنٌ فيه ولا حاجة لتكراره.

لم يكن مجرد اقتراحٍ عابر، بل كان درسًا في قوة الكلمة، في الاختصار الذي يزيد المعنى عمقًا، في اختيار المفردات التي تترك في القارئ أثرًا لا يُنسى.

المعرفة… حين تُمنح بكرم

في عالم النشر، قد تُواجه الكثير من الأبواب المغلقة، والكثير من الصمت الذي يُحيط بالأسئلة، وكأن المعرفة سرٌّ لا يُباح به إلا لقلةٍ محظوظة. لكن نسيم قبها كان مختلفًا، كان كالنبع الذي لا ينضب، يُجيب بلا تردد، يمنح بلا حساب، يُشارك ما يعرفه بكل رحابة صدر.

كم هو نادرٌ في هذا الزمن أن تجد من لا يبخل بمعرفته، من لا يرى في نجاحك تهديدًا، بل يراه امتدادًا لمسيرة الأدب والفكر! في حين أن الكثيرين لم يُجيبوا حتى على الهاتف، كان الأستاذ نسيم حاضرًا، صادقًا، مُحفّزًا، وكأن الكتابة ليست مجرد فن، بل رسالة يجب أن تصل إلى من يستحقها.

في الحياة، ليس كل شيء ورديًا، هناك أبيضٌ وأسود، ضوءٌ وظل، إشراقٌ وعتمة، لكنني اخترتُ أن أكتب عن النور، أن أُسلّط الضوء على الأثر الطيب، أن أتجاهل الظلال وأحتفي بمن جعلوا الطريق أكثر إشراقًا.

حين تتكرر الحاجة إلى الأثر ذاته

لم يكن لقائي الأول بالأستاذ نسيم قبها هو الأخير، فحين بدأتُ كتابي الثاني “إنما الإنسان أثر”، وجدتُ نفسي أعود إليه مرةً أخرى، وكأنني أبحث عن ذاك البريق الذي يجعل الكلمات أكثر تألقًا، وعن ذاك الصدق الذي يجعل المشورة ذات قيمةٍ حقيقية.

وكما توقّعت، كان الأستاذ نسيم قبها كما عرفته دائمًا: متواضعًا رغم مكانته، كريمًا رغم انشغاله، صادقًا رغم أن الصدق أصبح عملةً نادرة.

الكتابة ليست مجرد كلمات تُخطّ على الورق، بل هي أثرٌ نتركه خلفنا، بصمةٌ تُخبر الآخرين أننا مررنا من هنا. وأنت، أستاذ نسيم، تركتَ أثرًا لا يُمحى، أثرًا يشبه نقشًا على جدار الزمن، أو حرفًا منقوشًا على صفحة الحياة.

شكرًا… لأنك الأثر الذي لا يزول

لا شيء في هذه الحياة يُقاس بالماديات، فهناك أشخاصٌ يرحلون دون أن يتركوا شيئًا يُذكر، وأشخاصٌ يمرّون في حياتنا للحظات، لكن أثرهم يبقى كالشمس التي تُدفئ الأرواح حتى بعد غيابها.

أستاذي الفاضل نسيم قبها،


شكرًا لأنك كنتَ من هؤلاء الذين لا تُمحى بصمتهم، شكرًا لأنك كنتَ ذاك النور الذي يُضيء دروب المبتدئين، واليد التي تُساعد دون أن تنتظر مقابلًا، والصوت الذي يُعلّمنا كيف تكون الكلمة مسؤولة.

شكرًا على تشجيعك، على دعمك، على كرمك في منح المعرفة، على تواضعك الذي لا يزيدك إلا رفعةً في عيون من يعرفون قيمة الأدب الحقيقي.

دام أثرك، ودامت كلماتك منارةً تُرشد القادمين إلى عالم الكتابة، ودُمتَ أنت، كما كنتَ دائمًا، الكاتب الذي يُخلّد اسمه ليس فقط بما يكتب، ولكن بما يمنح.

شاهد أيضاً

محافظ الخليل خالد دودين يستقبل وزير الداخلية اللواء هب الريح

محافظ الخليل خالد دودين يستقبل وزير الداخلية اللواء هب الريح

شفا – استقبل محافظ الخليل السيد خالد دودين في دار المحافظة مساء اليوم السبت معالي …