
شفا – أبرزت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، تورط دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل متواصل في استخدم المساعدات كسلاح في حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة.
وقالت الصحيفة إنه منذ بدء حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر 2023، استخدمت حكومة نتنياهو المساعدات الإنسانية كسلاح في الحرب وفرضت حصارا كاملا على غزة.
وخلال الأشهر السبعة عشر التي تلت بدء الحرب، تذبذب الحصار بين التشديد والتخفيف، حيث تتحكم سلطات الاحتلال في كمية ونوعية المساعدات التي تدخل إلى القطاع. ونادرًا ما سمحت بدخول مستويات من المساعدات تراها الوكالات الإنسانية كافية لدعم سكان مدنيين يعيشون تحت وطأة الحرب، ويتهددهم الجوع والمرض.
وقبل نحو أسبوعين، أوقفت سلطات الاحتلال إدخال جميع المساعدات الإنسانية إلى غزة. ثم، في عطلة نهاية الأسبوع، قطعت ما تبقى من شريان الكهرباء الضعيف إلى القطاع المحاصر.
والهدف من هذه الخطوات هو الضغط السياسي على حركة حماس وفصائل المقاومة للقبول بتعديلات على اتفاق وقف إطلاق النار متعدد المراحل، الذي توصل إليه الطرفان المتحاربان في يناير، وإجبارها على الإفراج عن نصف الأسرى المتبقين دفعة واحدة بدون استحقاق وقبل بدء المرحلة الثانية من الاتفاق.
وإذا لم تستجب الفصائل الفلسطينية لمطالبها، فإن دولة الاحتلال هددت بوقف إمدادات المياه عن قطاع غزة في تكريس صارخ لسلاح التجويع.
استخدام انتهازي للعقاب الجماعي
بحسب الصحيفة تبرز هذه الإجراءات التي اتخذتها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة هذا الشهر، استخدامه الانتهازي للعقاب الجماعي ضد سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، لتحقيق أهداف الحرب المعلنة.
وشددت على أنه وفقًا لاتفاقيات جنيف، يتوجب على القوى المحتلة السماح بإيصال الغذاء والإمدادات الأساسية للسكان المدنيين.
وفي نوفمبر الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير جيشه السابق يؤاف غالانت بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، مشيرة إلى وجود “أسباب معقولة للاعتقاد بأن الرجلين مسؤولان عن استخدام التجويع كسلاح من أسلحة الحرب”.
والآن، يواجه قطاع غزة خطر نفاد المواد الغذائية الطازجة خلال أسابيع، إضافة إلى نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات وضخ المياه من الآبار القليلة المتبقية التي لم تدمرها الحرب.
رغم كل ذلك، لا يبدي نتنياهو أي ندم. فقد دعا حلفاؤه المتطرفون علنًا إلى العودة لفرض حصار كامل. ويتزامن هذا مع بقاء اتفاق وقف إطلاق النار، الذي رعته الولايات المتحدة في يناير، معلقًا بخيط رفيع.
ففي المرحلة الأولى من الاتفاق، أطلقت حماس سراح 38 أسيرا إسرائيليا، بينما أفرجت سلطات الاحتلال عن أكثر من 1,500 أسير فلسطيني وسمحت بزيادة ضخمة في دخول المساعدات إلى القطاع.
وكان من المفترض أن تبدأ المرحلة الثانية منذ عشرة أيام، حيث يتفق الطرفان على وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وهو الأمر الذي تنصلت منه الحكومة الإسرائيلية.
إذ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى الآن لتغيير قواعد اللعبة، مع تمسكه برفض إنهاء الحرب.
ويفرض نتنياهو الحصار دون مساءلة: فقد أصدرت القوى الأوروبية بيانات روتينية تنتقد وقف المساعدات، بينما لم تصدر إدارة ترامب أي إدانة.
بل إن نتنياهو وحلفاءه من اليمين المتطرف استمدوا جرأة إضافية من خطة ترامب المثيرة للجدل بإخلاء غزة من سكانها الفلسطينيين وتحويلها إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي يستخدم فيه ترامب العصا الغليظة لإرغام حلفاء أميركا الآخرين، من كندا إلى أوكرانيا، على الانصياع لإرادته، فإنه منح نتنياهو حتى الآن الضوء الأخضر، مشددة على أنه يجب على ترامب أن يرغم نتنياهو على إنهاء حصار غزة، ودعم جهود الوسطاء لإعادة اتفاق وقف إطلاق النار إلى مساره.