
شفا – تواصل التبادلات الثقافية والشعبية بين الصين والدول العربية ازدهارها في عام 2025، مع بروز عدة نقاط هامة خلال الشهرين الأولين من العام الجاري، وذلك وسط جهود دؤوبة وفعالة من الجانبين.
ويصادف عام 2025 العام الثقافي الصيني-السعودي، حيث يعقد الجانبان مجموعة من الفعاليات النوعية التي تسهم في إثراء المشهد الثقافي في البلدين وتعميق أواصر الصداقة والتعاون التاريخي بين الشعبين.
وفي فبراير الماضي، وقع مركز الدراسات الصيني-العربي للإصلاح والتنمية ومركز البحوث والتواصل المعرفي بالسعودية على اتفاقية تعاون لإنشاء معهد دراسات الصين بشكل مشترك في الرياض، الأمر الذي يمثل إضافة مكملة لـ “مذكرة التفاهم حول التعاون الأكاديمي” القائمة بين الجانبين.
كما اكتسب تعلم اللغة الصينية شعبية متزايدة في المدارس بالسعودية والإمارات وغيرها من الدول العربية، بينما يرغب مزيد من الصينيين في تعلم اللغة العربية. وقد فتح ما يزيد عن 50 جامعة ومعهدا في الصين أقساما للغة العربية، كما أنشأت الصين 21 معهد كونفوشيوس ودورتي كونفوشيوس في 13 دولة عربية حتى مايو الماضي، وأدرجت الإمارات والسعودية ومصر وغيرها من الدول العربية تعليم اللغة الصينية ضمن برامجها التعليمية الوطنية.
وفي السعودية، تم رسميا إدراج اللغة الصينية ضمن الدورات التعليمية كلغة أجنبية ثانية في المدارس. وفي سبتمبر عام 2024، استقبلت جامعة اللغات والثقافة ببكين الدفعة الأولى من معلمي اللغة الصينية السعوديين لبدء دورة تدريبية لمدة عام واحد، التي تعد جزءا من برنامج تدريب معلمي اللغة الصينية المحليين في السعودية في إطار التعاون التعليمي بين البلدين. وفي أغسطس الماضي، توجه 175 معلما صينيا للغة الصينية، بعد إتمامهم دورة تدريبية، إلى السعودية لبدء عملهم هناك.
وذكرت تقارير من وكالة فرانس برس مؤخرا تزايد التعليم الصيني في السعودية، مشيرة إلى أن تزايد الدروس باللغة الصينية في المدارس السعودية يظهر الروابط المتنامية بين الجانبين.
وإلى جانب التعاون التعليمي والثقافي، تبني الخطوط الجوية المتزايدة بين الصين والدول العربية جسورا مهمة لتعزيز التبادلات السياحية بين الجانبين، لتتيح مزيدا من الفرص والتسهيلات للتبادلات الشعبية.
وفي يناير الماضي، تم إطلاق خط جوي جديد يربط مدينة شانغهاي بشرقي الصين والدار البيضاء بالمغرب، فضلا عن استئناف الخط الجوي المباشر الذي يربط الدار البيضاء والعاصمة الصينية بكين، ما يرمز لانطلاقة جديدة في العام الجاري لتعزيز تبادلات الأفراد بين الصين والدول العربية.
وحسب بيانات سعودية، شهد عدد السياح الصينيين الذين زاروا السعودية نموا بمقدار أكثر من 40 في المائة بين عامي 2023 و2024.
وفي هذا الشأن، يطمح الجانب التونسي لاستقطاب 30 ألف سائح صيني في عام 2025، واصفا السوق السياحية الصينية بأنها “واعدة”.
أما مصر، فحسب بيانات رسمية، زار نحو 300 ألف سائح صيني البلاد في عام 2024، وقد أصبحت واحدة من أبرز وجهات السفر المفضلة لدى السياح الصينيين بفضل مزاياها الثقافية والحضارية بالإضافة إلى مناظرها السياحية الرائعة في السنوات الأخيرة.
وفي ظل الفرص التاريخية للتنمية المستمرة للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين، تساهم التبادلات الثقافية بقوة لا غنى عنها في بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية في العصر الجديد والبناء المشترك لـ” الحزام والطريق”. كما ترسي الخطط العامة عالية المستوى بين الجانبين أساسا متينا لتعزيز التبادلات المنوعة بينهما.
وفي الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني-العربي الذي عقد في مايو عام 2024، أعرب الجانب الصيني عن حرصه على التعاون مع الجانب العربي لبناء “الأطر الخمسة للتعاون”، بغية تسريع وتيرة بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية، وبناء إطار أوسع للتواصل الثقافي والشعبي بين الجانبين.
وحسب الخطة التنفيذية لمنتدى التعاون الصيني-العربي (2024 إلى 2026)، ستعقد خلال العام الجاري الدورة الـ11 لندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية، علاوة على تنفيذ خطة التبادلات الثقافية الرقمية بين الصين والدول العربية.
وأكد تقرير عمل الحكومة الذي وافق عليه المشرعون الوطنيون في الجلسة الختامية للدورة الثالثة للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني يوم الثلاثاء الماضي، على ضرورة توسيع التبادل والتعاون الثقافي على المستوى الدولي. كما شدد التقرير على توسيع نطاق الانفتاح العالي المستوى على الخارج، الأمر الذي سيجلب فرصا أكبر لتعزيز التبادل الثقافي والشعبي بين الصين ودول العالم بما فيها الدول العربية.