
الفلسطينيون تحت حصار الحرب ونهب الأموال ، بقلم : أحمد عبدالوهاب
سؤال يلوح في الأفق، لأي متابع للأحداث السياسية المرتبطة بالصراع القائم بين حركة حماس وإسرائيل، عن حجم الإنفاق غير المسبوق للحركة، منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، والتي بالتأكيد كلفت “حماس” مبالغ مالية كبيرة، ومصادر التمويل المالي، خاصة وأنه من المعروف أن الحرب تحتاج لميزانية ضخمة، للحصول على الأسلحة والمعدات، وكذلك التمويل الغذائي لمن يشارك في الحرب.
ولا شك أن هناك العديد من الجهات التي تدعم نشاط حركة “حماس” وعلى رأسها دولة إيران، ولكن مع طول أمد الحرب بين الحركة وجيش الاحتلال، من المؤكد أن “حماس” اعتمدت على مصادر أخرى، أبرزها التعامل على نطاق واسع في العملات المشفرة “بيتكوين”، وهي إحدى وسائل التمويل الأساسية التي يمكن لـ”حماس” التي يمكن للحركة الحصول على أموال طائلة منها.
- الحرب المشفرة
وهناك حرب أخرى في الخفاء، بين إسرائيل وحماس وهي “الحرب المشفرة”، والدائرة في عالم شبكات الإنترنت. السلاح الأساسي في تلك الحرب، العملة الأشهر في عالم التداول الرقمي، وهو ما أشارت إليه العديد من التقارير بأن حماس حصلت على ملايين الدولارات من العملات المشفرة، بعد طلب الحركة من الداعمين لها، بتمويل أنشطتها العسكرية عن طريق العملات الرقمية.
واستطاعت حماس والفصائل الفلسطينية أن تربط محافظ بالعملات المشفرة بقيمة 90 مليون دولار – وفقا لما أعلنه أحد المواقع المتخصصة في العملات المشفرة – حجم المبالغ الكبيرة بالعملات المشفرة التي رصدتها إسرائيل لتمويل حماس، دفع الحركة لمطالبة الداعمين للحركة بوقف التبرعات، خوفًا من كشف هويتهم، في ظل حالة التشديدات الإسرائيلية لمعرفة مصادر تلك التبرعات.
- استراتيجية حماس
ومن المؤكد أن التحول بالعملات الرقمية مد “حماس” بمبالغ كبيرة من إيران، على مدار العامين الماضيين، واعتمدت “حماس” على العملات المشفرة وهي محاولة لاستخدام تقنية مالية جديدة، لتقليل مخاطر نقل الأموال والبضائع بشكل تقليدي، بالإضافة إلى أن إسرائيل قد اغتالت أحد القيادات البارزة في “حماس”، المسؤول عن التمويل، وهو ما دفع الحركة للتوسع في نشاط العملات المشفرة.
لجأت “حماس” لتغيير استراتيجيتها المالية، بالتعامل بالعملات الرقمية، وتلقت عشرات الملايين من الدولارات من إيران، لشراء الأسلحة ودفع رواتب المقاتلين، وهو ما دفع إسرائيل لتتبع مصادر تلك الأموال، التي كانت تتدفق عبر إحدى الشركات ومكاتب الصرافة بقطاع غزة، والتي تسيطر عليها “حماس”.
الصراع بين إسرائيل وحماس، وقع ضحيته آلاف من الفلسطينيين، ممكن فقدوا حياتهم وممتلكاتهم التي دُمرت أثناء الحرب، فضلا عن مصادرة إسرائيل لأموال شركات الصرافة، بزعم أنها تمول حركة حماس، الأمر الذي عرّض الفلسطينيين لخسائر مالية كبيرة بملايين الدولارات. من بينهم مكتب “القاهرة للصرافة”، المتواجد داخل قطاع غزة، وله فرع آخر بتركيا، والذي شهد تجميد أموال العديد من الفلسطينيين.
- أضرار اقتصادية
ومع غياب أي جهة رقابية يمكنها التدخل لاستعادة أموال المتضررين، يتخوف العديد من استمرار عمليات الاستغلال من قبل مكاتب صرافة مشابهة. وبسبب ارتباط المكتب بجهات نافذة، يجد المواطنون أنفسهم أمام طريق مسدود لاسترداد أموالهم، في ظل غياب أي بدائل آمنة لتحويل الأموال من الخارج.
عمليات تجميد الأموال، تسببت في أضرار اقتصادية بالغة للفلسطينيين، وأصبح الكثير منهم غير قادر على تلبية متطلبات المعيشة الأساسية مثل الغذاء والمستلزمات الطبية، وهو ما فاقم الأوضاع المأساوية في غزة، ليس ذلك فسحب، بل قام بعض التجار الموالين لحركة حماس بممارسات غير قانونية، والادعاء بتجميد الأموال لصالح المقاومة، وسط عمليات نهب وسرقة ممنهجة لأموال الفلسطينيين، في ظل حالة الفوضى التي خلفتها الحرب.
- تجميد الأموال وغياب الرقابة
ووسط حالة انعدام الأمن والمراقبة في غزة، يظل الفلسطينيين عُرضة لعمليات استنزاف أموالهم، من خلال تجميد المبالغ المالية التي تحول لهم من أقرانهم، وترفض مكاتب الصرافة التي تسيطر عليها حماس صرفها لأصحابها، بحجة تمويل العمليات العسكرية للحركة ضد إسرائيل، وهو ما يفتح الباب أمام عمليات فساد من جانب تجار العُملة والمسؤولين عن مكاتب وشركات الصرافة.
أصبح الفلسطينيون بين مطرقة حماس وسندان الاحتلال، وتتأزم الأوضاع يوما تلو الآخر، خصوصا في ظل الحصار المفروض من جانب جيش الاحتلال، منع المساعدات الإنسانية من الدخول لغزة، أيضا يعجز كثير من الفلسطينيين، عن الحصول على أموالهم، بسبب أعمال القيود التي فرضتها مكاتب الصرافة الموالية لحماس، وهو ما يتطلب تدخل فوري من الجهات المعنية، واتخاذ إجراءات صارمة تضمن الحفاظ على حقوق وأموال الفلسطينيين.