شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
رمضان وزيادة الأوزان! بقلم : د. أريج السنان
اعتاد كثير من الناس على المبالغة والإكثار من الطعام والشراب من دون النظر إلى ما يترتب عليه من مضار؛ فمن بالغ في أكله وشربه شعر بالكسل وصار الفتور يغلب عليه، وزادت ساعات نومه وقل نشاطه؛ لأنه لم يوزع لقيماته بما يقيم صلب الإنسان، وهو التوجيه الوارد في الحديث الشريف: «ما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطنٍ، بحسب ابن آدم أكلات يُقمن صُلبه، فإن كان لا مَحالة، فثُلُث لطعامه، وثُلُث لشرابه، وثُلُث لنَفَسَه»، فقد شبَّه النبي، عليه الصلاة والسلام، المعدة أو البطن بالوعاء، وقسَّم حَجم المعدة إلى ثلاثة أقسام، وأخبَر أن أكبر كميَّة من الطعام والشراب يُمكن أن يتناولَها المرءُ عند الحاجة المُلحّة، هي مقدار ما يَملأ ثُلُثي حجم المعدة، وأخبر أن ترك ثُلث حجم المعدة خالياً من الطعام والشراب، ضروري للتنفُس.
يقول الشراح لهذا الحديث الشريف: إن تقسيم حجم المعدة إلى ثلاثة أثلاث: ثلثين للطعام والشراب، وثُلُث للنَفَس؛ ذلك لحكمة أن مَلء هذا الوعاء بكثرة الأكل شرٌ على الإنسان؛ فيكفيه لُقيمات يُقمِن صُلبه؛ فلا تسقط قوته ولا تَضعُف معها؛ فإن تجاوزها، فليأكل في ثُلث بطنه، ويَدَعِ الثلث الثاني للماء، والثالث للنَفَس، وهذا من أنفع ما يكون للبدن والقلب؛ فإن البطن إذا امتلأ من الطعام، ضاق عن الشراب، فإذا ورَد عليه الشراب ضاق عن النَفس، وعرَض له الكرب والتعبُ بِحَمله بمنزلةِ حامل الحمل الثقيل، هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد القلب، وكسل الجوارح عن الطاعات، وتحرُّكها في الشهوات التي يستلزمها الشبع، ودل ذلك على مدى تأثيره على الجوانب النفسية والبدنية، وهو القول بأن مَن تملَّى من الطعام ساء غذاء بدنه، وأشِرَت نفسُه وقسا قلبُه، فإياكم وفضولَ المطعم؛ فإنه يَسِم القلب بالقسوة، ويُبطئ بالجوارح عن الطاعة، ويُصِم الأذن عن سماع الموعظة.
ومن أجمل الكلام في ذلك قول العلامة الغزَّالي، ذُكر هذا الحديث لبعض الفلاسفة، فقال: ما سمعت كلاماً في قلة الأكل أحكم من هذا… وآخر القول يستحب للإنسان الاعتدال في مأكله ومشربه ونومه وحركته خصوصاً في شهر رمضان؛ لأنه صار شهر الطعام والنوم وزيادة الأوزان!
وتقبل الله تعالى منا ومنكم الطاعة، وبارك لجميع المسلمين في هذا الشهر الكريم.
