10:33 مساءً / 20 فبراير، 2025
آخر الاخبار

“زين ” الحمد لله على سلامتك …..أنت لست وحيدا ، بقلم : جاد كنعان الطويل

“زين ” الحمد لله على سلامتك …..أنت لست وحيدا ، بقلم : جاد كنعان الطويل


ظهرت أمامي على إحدى منصات التواصل الاجتماعي صورة مؤثرة لطفل فلسطيني يعاني من مرض الهيموفيليا، يُدعى زين، وقد نشرتها والدته لحظات بعد خروجه من غرفة العمليات، بعيدًا عن أرض الوطن. الأم تُحمد الله على تعافي ابنها بعد عملية جراحية نتيجة مضاعفات النزف المتكرر، الذي يُصيب مرضى نزف الدم الوراثي.


لقد تعرفت على الطفل زين منذ سنوات، وهو طفل هيموفيليا من قطاع غزة. كنت أقدر عاليا الجهود التي تبذلها والدته في متابعة علاجه المستمر منذ ولادته، حيث كانت تُنقل به بين مستشفيات قطاع غزة والقدس والضفة الغربية، خاصة في رام الله وتل هشومير. التقيت بزين مرة في مقر الجمعية الفلسطينية لأمراض نزف الدم في مدينة البيرة، وهناك شاهدت الطفل البريء، وكانت آثار عملية جراحية أجريت له واضحة على رأسه، حيث كان في حاجة إلى إعادة زراعة عظم وتجميل في جمجمته.


انتهى المطاف بالطفل زين، ليتم إجلاؤه إلى أبوظبي نتيجة تداعيات حرب 7 أكتوبر 2023.


منذ عدة أشهر، حاولت أن أبتعد بمشاعري وأخفف من تعلقي بمعاناة مرضى الهيموفيليا في فلسطين، ومعاناتهم اليومية في ظل غياب الرعاية اللازمة لهم. ومحاولة ابتعادي هو تراكمات السنين والظروف الصعبة التي أرهقتني، فلم أعد قادرًا على تحمل معاناة العشرات بل المئات من مرضى نزف الدم الوراثي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي ظل العجز عن إيجاد حلول جذرية لمعاناتهم.


لا سيما أن معظم الهيئات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني المحلي والعالمي تتجاهل أو تهرب من توفير الأدوية الأساسية لهم، والتي تسمى “عوامل مخثرة” والتي تعتبر حيوية في بروتوكولات العلاج على مدار الساعة. هؤلاء المرضى بحاجة إلى خدمات رعاية طبية ونفسية واجتماعية عبر عيادات متخصصة، بالإضافة إلى جراحات متخصصة يحتاجونها طوال حياتهم. وفي غياب هذه الرعاية، تتفاقم الآلام، وتزيد الإعاقات، والموت يصبح محتمًا.


كما قال أحدهم: “لا يمكن لضمير الإنسان أن يغمض عينيه عن معاناة الآخرين، فكل معاناة هي جرح في جسد الإنسانية.” وهنا نجد أنفسنا أمام مسؤولية لا يمكن تجاهلها، سواء من قبل المرضى أو الأهالي أو الجمعيات أو المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.


أدرك أن الأولويات في مجتمعنا الفلسطيني كثيرة، وأن الطوارئ والكوارث والحروب تُعطي الأولوية للعديد من القضايا، ولكن هذا لا يُمكن أن يكون مبررًا لترك مرضى الهيموفيليا في هذا الوضع المأساوي. إن قلة الميزانيات وتغييب القدرات البشرية والمادية لا يُمكن أن يعفي أحدًا من المسؤولية تجاه هؤلاء المرضى.
كما قال الشاعر: “من لا يَحِسُّ بمعاناة الآخرين لا يمكنه أن يعرف قيمة الحياة.”


من هنا، نجد أن تجاهل احتياجات مريض الهيموفيليا في فلسطين، ولو كان شخصًا واحدًا، لا يُمكن تبريره بأي حال من الأحوال. يجب أن يكون لدينا جميعًا وعي ومسؤولية تجاه هؤلاء المرضى الذين يحتاجون إلى دعم مستمر ومستحق. إن عجز المجتمع والمؤسسات عن تقديم العلاج والرعاية لهؤلاء المرضى هو ظلم لا يُغتفر.

  • – جاد كنعان الطويل – ناشط مجتمعي فلسطيني مقيم حاليا في الضفة الغربية مهتم. بالحقوق الصحية والاجتماعية

شاهد أيضاً

أهالي حوارة جنوب نابلس يقاضون جيش الاحتلال والشرطة الإسرائيلية

أهالي حوارة جنوب نابلس يقاضون جيش الاحتلال والشرطة الإسرائيلية

شفا – تقدّم تسعة فلسطينيين، تعرضوا لأضرار جسيمة نتيجة اعتداءات نفذها مئات المستوطنين في فبراير …