
فيلم “نه تشا 2”: هدية ثقافية وترفيهية صينية للعالم ، بقلم : تشو شيوان
أصبح فيلم الرسوم المتحركة الصيني “نه تشا 2” من أكثر أفلام الرسوم المتحركة ربحًا في تاريخ شباك التذاكر العالمي، متفوقًا على فيلم “Inside Out 2” لعام 2024. وقد احتل المرتبة الثامنة في قائمة شباك التذاكر العالمي يوم الثلاثاء. وتجاوزت إيراداته العالمية اثني عشر مليارًا وثلاثمئة مليون يوان صيني، أي ما يقرب من 1.7 مليار دولار أمريكي حتى الآن. كما عُرض الفيلم في الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وغيرها من الدول، مما جذب اهتمام وسائل الإعلام العالمية بشكل واسع.
وفي هذا السياق، أود أن أتحدث عن أسطورة نه تشا لمساعدة القارئ العربي على فهمها بشكل أوضح. تُعد أسطورة نه تشا واحدة من أشهر الأساطير الصينية، التي تعود جذورها إلى التراث الأسطوري الصيني القديم. وتُصوّر نه تشا كبطل خارق وشجاع، وغالبًا ما يُرسم على هيئة طفل صغير يتمتع بقدرات خارقة، ويحمل سلاحًا سحريًا يُعرف باسم “دوائر السماء والأرض”، ووفقًا للأسطورة، وُلد نه تشا بطريقة غير عادية، حيث خرج من بطن أمه على شكل كرة لحمية، ثم تشكل ليصبح طفلًا مذهلًا. وقد اشتهر بمواجهة قوى الشر والأعداء، ومن بينهم التنين الذي أثار الفوضى في البحر، مما جعله رمزًا للشجاعة والتضحية. تُعتبر قصته جزءًا من الروايات الكلاسيكية مثل “أسطورة خلق الآلهة”، والتي تجمع بين العناصر الأسطورية والدينية، ولا يُنظر إلى نه تشا على أنه مجرد شخصية أسطورية، بل يمثل أيضًا قيمًا مثل البراءة والقوة، مما جعله شخصية محبوبة في الثقافة الصينية، سواء في الأدب أو الأفلام أو الفنون الشعبية.
في الحقيقة أعتقد أن نجاح فيلم “نه تشا 2” ليس مجرد صدفة محظوظة، بل هو جزء من ظاهرة أوسع تشهدها الصين في السنوات الأخيرة، حيث ساهمت العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية المتنوعة في تعزيز السياحة في مختلف المناطق الصينية. ومع ذلك، تتميز “نه تشا 2” بقدرته على بناء نظام بيئي ثقافي وسياحي متكامل، من خلال نهج مبتكر يبدأ بكتابة القصة، مرورًا بإنتاج العمل الفني، وصولًا إلى بناء علامة تجارية قوية للمنتج، كما ويثبت التأثير الثقافي والسياحي لفيلم “نه تشا 2” أن الأعمال السينمائية والتلفزيونية ليست مجرد وسائل ترفيهية استهلاكية، بل هي أيضًا أدوات قوية لنقل الثقافة وتعزيز التواصل الحضاري. فعندما تقفز شخصية نه تشا من الشاشة إلى أرض الواقع، لا يبحث السائحون عن مجرد مشاهد الفيلم، بل يسعون أيضًا إلى الشعور بالارتباط الروحي مع الأساطير الصينية العريقة. وهذا الارتباط يخلق تجربة سياحية غنية تترك أثرًا عميقًا في نفوس الزوار.
وخلال الأيام الماضية، وخاصة مع استمرار الحماس حول فيلم “نه تشا 2”, تم إطلاق فعالية “التجول في الصين عبر الأفلام” يوم الاثنين الماضي، بتنظيم مشترك من الهيئة الوطنية الصينية للسينما ومجموعة الصين للإعلام. وتهدف هذه الفعالية إلى الاستفادة من الإقبال العالمي على الأفلام الصينية خلال فترة عيد الربيع الصيني، إلى جانب تسهيل وتحسين سياسات العبور الحالية بدون تأشيرة، لجذب المزيد من السياح الأجانب وتشجيعهم على اكتشاف الصين الحقيقية وسحرها الفريد عن كثب.
ومع تزايد انتشار الأفلام والمسلسلات الصينية المتنوعة والمتميزة على المستوى الدولي في المستقبل، يمكن لصناعة السياحة الثقافية في الصين أن تفتتح فصلًا جديدًا من التكامل بين الثقافة والسياحة. وهكذا، تصبح الثقافة الصينية جسرًا للتواصل بين الشعوب، وتتجذر الثقة الثقافية في تجربة السفر، مما يعكس صورة الصين كحضارة تجمع بين العراقة والحداثة.
