
فلسطين بين التهجير والضم: هل نحن أمام تصفية نهائية للقضية؟ بقلم : م. غسان جابر
تشهد فلسطين مرحلة مفصلية، حيث يتسارع المخطط الأمريكي–الإسرائيلي لإعادة رسم المشهد بالكامل. في غزة، يواجه السكان سيناريوهات الضغط نحو الهجرة القسرية، بينما تتحول الضفة الغربية إلى سجن مفتوح يخضع لنظام فصل عنصري متكامل، حيث يقف الفلسطيني يوميًا لساعات على الحواجز الإسرائيلية لمجرد التنقل داخل مدينته أو الوصول إلى عمله.
بين الضم والتهجير، يتساءل الفلسطيني:
هل هناك خطط عربية لمواجهة هذه التهديدات، أم أننا أمام مشاريع أمريكية بواجهة عربية؟ وما هو المخرج الفلسطيني من هذا الواقع الكارثي؟
المشهد الفلسطيني: بين الحصار والاحتلال المباشر
- غزة: بين الموت البطيء وخيار الهجرة القسرية
الوضع الإنساني في غزة لم يعد مجرد أزمة، بل كارثة متعمدة. مع أكثر من 75% من السكان تحت خط الفقر، وانهيار البنية التحتية، وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وتدمير الاقتصاد المحلي، يتم دفع الناس بشكل غير مباشر نحو خيار الهجرة، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بحياتهم في البحر أو في مخيمات اللجوء.
إسرائيل، بدعم أمريكي، تعمل على إغلاق كل أبواب الحياة في القطاع، بحيث يصبح الرحيل هو الخيار الوحيد لكثير من السكان، وهنا يكمن الخطر الحقيقي: تهجير سكان غزة بطريقة غير مباشرة، دون إعلان رسمي، بل عبر خلق ظروف تجعل بقاءهم مستحيلًا.
- الضفة الغربية: الحياة تحت الاحتلال المتجدد
بينما تواجه غزة خطر التهجير، تعيش الضفة الغربية في واقع أشبه بنظام الأبارتهايد (الفصل العنصري):
الطرق مقسمة بين الفلسطينيين والمستوطنين، بحيث يسلك الإسرائيلي طريقًا سريعة ومحمية، بينما يقضي الفلسطيني ساعات على الحواجز العسكرية لمجرد الذهاب إلى عمله أو زيارة عائلته.
التوسع الاستيطاني يلتهم الأراضي يوميًا، حيث يتم بناء مستوطنات ضخمة، بينما يُمنع الفلسطيني من ترميم منزله أو بناء مدرسة لأطفاله.
القمع العسكري أصبح يوميًا، مع عمليات اقتحام، واعتقالات تعسفية، وقتل ميداني للفلسطينيين على الشبهة فقط.
هل يملك العرب خطة حقيقية؟ أم مجرد رفض دبلوماسي؟
في الوقت الذي يتم فيه فرض الضم والتهجير كأمر واقع، تكتفي بعض الدول العربية بـ الرفض الإعلامي دون أي خطوات عملية. حتى الدول التي تقول إنها ترفض المخطط، لا تقدم بديلًا واضحًا أو دعمًا فعليًا للفلسطينيين.
الأسوأ من ذلك، أن هناك تسريبات عن مبادرات عربية تحمل في جوهرها “الحل الأمريكي”، ولكن بغطاء عربي، مثل تقديم مشاريع اقتصادية لغزة مقابل إبعاد ملف الضفة الغربية وتأجيل الصراع السياسي إلى أجل غير مسمى.
ما هو المطلوب؟ حلول خارج الصندوق لإنقاذ فلسطين
- كسر معادلة الحصار في غزة دون الوقوع في فخ التهجير
تأسيس صندوق دولي لدعم الاقتصاد في غزة، بحيث يتم خلق فرص عمل تمنع خيار الهجرة القسرية.
فتح معابر غزة بشكل دائم تحت إشراف دولي أو أممي، لمنع استخدام الحصار كأداة ضغط سياسي.
فرض عقوبات دولية على إسرائيل بسبب انتهاكاتها الإنسانية ضد سكان القطاع.
- تحويل الضفة إلى مركز مقاومة اقتصادية وسياسية ضد الضم
إنهاء الاعتماد على الاقتصاد الإسرائيلي عبر دعم مشاريع إنتاجية فلسطينية.
حماية التجمعات الفلسطينية المهددة بالمصادرة عبر مشاريع إسكان وتنمية.
تصعيد المقاومة الشعبية لإفشال الضم الزاحف.
- توحيد الموقف الفلسطيني وفرضه على العرب والعالم.
إنهاء الانقسام الفلسطيني فورًا وتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التحرك دوليًا.
تبني استراتيجية مقاومة سياسية ودبلوماسية موحدة بدلًا من حالة التشظي الحالية.
نسأل إلى أين نتجه؟
إن لم يتحرك العرب والفلسطينيون بخطوات عملية، فإننا أمام مرحلة ما بعد القضية الفلسطينية، حيث يتم إغلاق ملف الضفة وغزة بطريقة تدريجية دون إعلان رسمي.
السؤال الأخير: هل يقول العرب والفلسطينيون “لا” حقيقية عبر إجراءات ملموسة، أم أن الضم والتهجير سيصبحان واقعًا لا يمكن تغييره؟!
م. غسان جابر (قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)