1:32 صباحًا / 19 فبراير، 2025
آخر الاخبار

منبرًا للصوت الحر وساحةً للنقاش الواعي، “داليا الكردي” تكتب في الذكرى الـ13 لانطلاق “وكالة شفا“

منبرًا للصوت الحر وساحةً للنقاش الواعي، “داليا الكردي” تكتب في الذكرى الـ13 لانطلاق “وكالة شفا“

لطالما كانت الصحة النفسية موضوعًا محاطًا بالصمت والخوف، وكأن الحديث عنه يخلع عن الإنسان درع قوته المفترضة. في مجتمعاتنا، حيث القوة تُقاس غالبًا بالقدرة على التحمل والصمت أمام الألم، يصبح من الصعب الاعتراف بالمعاناة النفسية دون الشعور بالخجل أو الخوف من الحكم المجتمعي. هنا، يأتي الإعلام كقوة قادرة على تغيير هذه السردية، فهو إما أن يعمّق الوصمة، وإما أن يمدّ جسور الفهم والتقبل.

كيف يرسّخ الإعلام الوصمة النفسية؟

قبل الحديث عن الدور الإيجابي، من المهم الاعتراف بأن الإعلام كان، في كثير من الأحيان، جزءًا من المشكلة. فالأفلام والمسلسلات لطالما ربطت الاضطرابات النفسية بالجنون والخطر، وخلقت صورة نمطية مشوّهة عن الأشخاص الذين يعانون منها. حتى الأخبار، حين تتناول الجرائم أو الحوادث، كثيرًا ما تلمّح إلى وجود “اضطرابات نفسية” دون فهم حقيقي لما تعنيه، مما يعزز الخوف والوصمة بدلاً من الفهم والتعاطف.

الإعلام كأداة لكسر الوصمة: كيف يحدث التغيير؟

1- إعادة تعريف المفاهيم
الإعلام قادر على تحويل النقاش حول الصحة النفسية من كونه موضوعًا هامشيًا إلى قضية محورية تستحق الاهتمام. عندما تتناول البرامج الحوارية والمقالات الإخبارية موضوعات مثل الاكتئاب، القلق، واضطراب ما بعد الصدمة، ويتم طرحها على أنها جزء من التجربة الإنسانية، يصبح من الأسهل على الناس الاعتراف بمشاعرهم والسعي للحصول على الدعم.
2. قصص الناجين تترك أثرًا أقوى من صور الضحايا
كثيرًا ما يتم تصوير الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية على أنهم ضعفاء أو محطمون، لكن الإعلام الواعي يستطيع تقديمهم بصفتهم مقاتلين واجهوا تحديات وعملوا على تجاوزها. تسليط الضوء على قصص التعافي والأمل يمنح المجتمع صورة أكثر إنصافًا وواقعية عن المرض النفسي، مما يغير طريقة التفكير تجاهه.
3. الكلمات تصنع الفارق
الكلمات ليست مجرد أدوات تعبير، بل هي قوى تصنع الواقع. عندما يستخدم الإعلام مصطلحات دقيقة ومحترمة عند الحديث عن الاضطرابات النفسية، فإنه يساعد في تطبيع النقاش حولها. فبدلًا من عبارات مثل “مجنون” أو “مختل”، يصبح الحديث أكثر احترامًا ودقة عند استخدام توصيفات مثل “يعاني من اضطراب اكتئابي” أو “يمرّ بمرحلة صعبة نفسيًا”.
4. إشراك المختصين بدلاً من البحث عن الإثارة الإعلامية
من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الإعلام هو التعامل مع الصحة النفسية باعتبارها موضوعًا مثيرًا للاهتمام، بينما ينبغي تقديمها كمجال علمي وإنساني يستحق التحليل العميق. الحل يكمن في إشراك المختصين النفسيين في النقاشات العامة، وتقديم معلومات مبنية على العلم بدلًا من التفسيرات الشعبية التي قد تضر أكثر مما تنفع.

التغيير لا يحدث فقط عبر البرامج الكبيرة، هو يظهر ايضا في كل مساحة إعلامية تسمح بالحوار. المقالات، منصات التواصل الاجتماعي، وحتى الأخبار اليومية يمكن أن تصبح أدوات لخلق وعي جديد حول الصحة النفسية، وفتح المجال للنقاش دون خوف أو خجل.

تحية لشبكة فلسطين للأنباء في عامها الثالث عشر

على مدار ثلاثة عشر عامًا، كانت شبكة فلسطين للأنباء (شفا) منبرًا للصوت الحر، وساحةً للنقاش الواعي، ومنصةً تحمل الرسالة الإعلامية بمهنية ومسؤولية. في زمن يحتاج فيه الوطن إلى كل قلم واعٍ، استطاعت شفا أن تكون نموذجًا للإعلام المسؤول الذي يساهم في بناء الوعي وتوجيه البوصلة نحو ما يخدم القضية.

ختامًا… عندما يتحول الإعلام إلى جسر للأمل

المؤسسات الإعلامية كما هي أدوات لنقل الأخبار، انها تمتلك القدرة على إعادة تشكيل الوعي المجتمعي والتأثير في نظرة الأفراد إلى قضاياهم اليومية. التعامل مع الصحة النفسية بجدية ووعي في وسائل الإعلام لا يقتصر على كسر الوصمة، بل يعزز ثقافة الدعم والتفهّم، ويمهد الطريق لمجتمع أكثر انفتاحًا وإنسانية.

لأننا جميعًا، في لحظة ما، قد نحتاج إلى من يفهمنا… ويمنحنا الكلمات التي لم نجدها لأنفسنا.

شاهد أيضاً

عدي الزاغة

قوات الاحتلال تعتقل الفنان عدي الزاغة

شفا – اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، الفنان الفلسطيني عدي الزاغة، من مدينة نابلس …