![](https://www.shfanews.net/wp-content/uploads/2025/02/209-scaled.jpg)
الأسرى والشهداء .. درب النضال وشرف القضية ، بقلم : محمود جودت محمود قبها
في زحام المعارك التي لا تنتهي بين صراع الحق والباطل تقف فلسطين شامخة كجبل لا تهزه الرياح ويقف أبناؤها الصامدون كأشجار الزيتون جذورهم ضاربة في الأرض وأغصانهم تعانق السماء وعلى هذا الطريق الشائك حيث القيد والرصاص والمنافي يسير الأسرى والشهداء متوشحين بالعزّة حاملين في أعماقهم وصايا الوطن وأحلام العودة هؤلاء هم البوصلة هم الطلقة الأولى وهم آخر الحراس على أسوار القدس فكيف يُمكن أن تكون حقوقهم محل جدل؟ وكيف يُمكن لقرار أن يشكّك في قدسية ما قدموه من دماء وأعمار؟ بين الحقيقة والتأويل.. هل تُخذل العناوين العظيمة؟ تصريحات الأخ قدورة فارس في المؤتمر الصحفي الأخير جاءت كمن يلقي حجراً في مياه راكدة فأحدثت دوياً لم يكن في محله واستعجلت في إصدار حكم قاسٍ على السلطة الوطنية الفلسطينية وكأنها تخلت عن التزاماتها تجاه الأسرى والشهداء رغم أن الحقيقة على النقيض تمامًا.
السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس لم تكن يومًا إلا السند الأول لمن حملوا جراح الوطن على أكتافهم والتزمت على مدار العقود الماضية بدفع المستحقات لعائلات الأسرى والشهداء حتى في ظلّ الحصار الاقتصادي الخانق وقرصنة الاحتلال لأموال المقاصة منذ أكثر من عقدين والسلطة الوطنية تدفع المستحقات رغم القيود والضغوطات السياسية ولم يكن هناك يومٌ واحدٌ تخلت فيه عن تلك المسؤولية لأن الأسرى والشهداء ليسوا أرقامًا تُدرج في الميزانيات بل هم النبض الحقيقي للقضية.
وإذا كان القرار الأخير يستهدف حماية الموازنة من الاقتطاعات والضغوط الخارجية فليس معناه التخلي عن هذه الحقوق بل هو تكتيك سياسي لضمان استمرارية الدعم دون أن يكون تحت سيف الابتزاز المالي.
الأسرى والشهداء.. خطوط حمراء لا تُمس لم تكن السلطة الوطنية الفلسطينية يومًا إلا السد المنيع أمام محاولات المساس بحقوق الأسرى والشهداء وكانت كلمات الرئيس محمود عباس على منصة الأمم المتحدة واضحة كالشمس الأسرى والشهداء مقدسون وغير قابلين للمساس فمن يحمل في صدره تلك القناعة الراسخة لا يمكن أن يتخلى عن حقوقهم ولا أن يسمح لأي ظرف سياسي أو اقتصادي أن يضعهم في دائرة المساومة.
الوضع الفلسطيني اليوم لا يخفى على أحد حصار اقتصادي خانق وضغوط دولية لا تتوقف واحتلال يتفنّن في تجفيف منابع الحياة للفلسطينيين ورغم كل ذلك تبقى الأولويات واضحة كرامة الأسرى وحقوق الشهداء لا تُمس ومستحقاتهم ليست منّة من أحد بل هي دينٌ في عنق كل فلسطيني حرّ وحماية هذه الحقوق هي جزء من حماية الثوابت الوطنية التي لا يمكن أن تسقط تحت أي ظرف كان دعوة للوحدة.. فاللحظة لا تحتمل الفرقة إن ما نحتاجه اليوم ليس العتاب بل التكاتف فالقضية الفلسطينية أمام منعطف خطير والتحديات أكبر من أن نخوضها بصفوف ممزقة.
الأجدر بنا أن نوحّد الصوت خلف القيادة الفلسطينية وأن نرفض أي محاولات لضرب جدار الثقة بين الشعب وسلطته الوطنية وأن ندرك أن أي معركة نخوضها لا بد أن تكون بخطى متزنة لا بتصريحات متسرعة قد يكون القرار بحاجة إلى إيضاح ولكن الأهم أن نقرأه من زاوية الحرص على حقوق الأسرى لا من باب التشكيك في الثوابت فالقيادة التي دفعت المستحقات لعقدين وواجهت الابتزاز الإسرائيلي والدولي لن تتخلى عن عهدها اليوم.
الأسرى والشهداء لم يكونوا يومًا عبئًا بل هم وسام شرف على صدر هذا الوطن وأي قرار يُتخذ سيكون لخدمتهم لا للانتقاص من حقوقهم ختامًا ليبقَ صوتنا واحدًا متمسكًا بالثوابت داعمًا لمن يصون حقوق الوطن وأبنائه ولتكن رسالتنا واضحة الأسرى والشهداء خطٌ أحمر لا يُمس وحقوقهم لا تقبل القسمة لا على الظروف ولا على الحسابات السياسية.
باحث في درجة الدكتوراه في العلوم السياسية