1:31 صباحًا / 15 فبراير، 2025
آخر الاخبار

شاي الذكريات على أنقاض الحياة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

شاي الذكريات على أنقاض الحياة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

شاي الذكريات على أنقاض الحياة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي

جلس سامر الصغير على حجر أمام منزله المدمر، يحمل بيديه المرتجفتين كأس شاي دافئ أعده على نار صغيرة جمّع حطبها من بين الأنقاض. كان الصمت يلف المكان إلا من صوت الريح التي تعبث ببقايا الجدران، وكأنها تحاول أن تروي بصوتها المبحوح قصة الألم الذي حلّ هنا.

تأمل سامر المكان حوله، هنا كانت أمه تناديه كل صباح ليجلس معهم على مائدة الإفطار، وهناك كان أبوه يروي له قصص البطولة قبل النوم، وعلى هذه العتبة تحديدًا كان أخوه الصغير يلعب بطائرته الورقية. أما الآن… فكل شيء صار ذكرى، وكل من أحبهم رحلوا، تاركين خلفهم طفلاً يحمل على كتفيه الصغيرة أوجاعًا أثقل من عمره.

أخذ رشفة من الشاي، فتدفأت روحه للحظة، لكنه سرعان ما شعر بغصة في قلبه. كان هذا الشاي مشروبهم المفضل كل مساء، يجلسون معًا ويتبادلون الضحكات. لكنه اليوم وحيد، يشارك حزنه مع بقايا منزله وصور الذكريات التي لا تزال عالقة في زوايا قلبه الصغير.

تذكر آخر مرة رأى فيها والدته، حين ضمته إلى صدرها بقوة، وقالت له: “لا تخف يا سامر، سأكون دائمًا معك.” لكنه لم يكن يعلم أن تلك الكلمات ستكون وداعًا أبديًا. تذكر صرخات أخيه وهو يناديه، والدموع في عيني والده وهو يحاول حمايتهم من القصف الذي لم يترك لهم شيئًا… سوى الألم.

تساقطت دموع سامر في كأس الشاي، فاختلطت مرارة الذكرى بحلاوة الشاي، ليصبح طعمه أشبه بحياته الآن… مزيج من مرارة الفقد وحلاوة الذكريات.

رفع رأسه إلى السماء الملبدة بالدخان، وتمتم بصوت خافت:


“أمي، أبي، أخي… اشتقت لكم كثيرًا. هنا، حيث دُمرت أحلامنا، سأبقى قويًا من أجلكم. لن أنسى ضحكاتكم أبدًا… ولن أنسى أنكم كنتم عالمي الذي تحطم.”

أطفأ سامر نار الشاي، ونهض ببطء، كأن أثقال العالم على كتفيه. سار بين الأنقاض، يبحث عن شعاع أمل وسط هذا الظلام، فربما، يوماً ما، تعود الحياة إلى هذا المكان… وتعود ضحكاته المفقودة.

انتهت القصة، لكن وجع سامر… لم ينتهِ بعد.

شاهد أيضاً

قوات الاحتلال تقتحم زعترة شرق بيت لحم وتداهم منزل المعتقل شرايعة

شفا – اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بلدة زعترة شرق بيت لحم. وأفادت مصادر أمنية، بأن …