4:40 مساءً / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

نكبة الانقسام أم انقسام النكبة بقلم :المحامي فادي حسين محمد أبو شاويش

أيام قليلة تفصلنا عن إحياء شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات الذكري ال 64 للنكبة  التي توافق الخامس عشر من أيار من كل عام فقبل 64 عاما تم اقتلاع شعب بأكمله من وطنه ودمر كيانه و  فقد الفلسطينيون أرضهم ووطنهم الذي عاشوا فيه وتذوقوا كل أشكال التشرد والحرمان وشتى صنوف القهر و الاستغلال والظلم وخاصة ظلم ذوي القربى الأشد قسوة و الأكثر مرارة  على مرأى ومسمع العالم الذي يدعي الديمقراطية والحضارة والإنسانية فالنكبة فرضت على الفلسطينيين أن يعيشوا حياة اللجوء والهجرة وحياة البؤس والفقر والمرض والحرمان من الهوية الوطنية فأصبح الحديث عن الفلسطينيين وقضيتهم منذ ذلك اليوم الأسود يقترن وبشكل آلي بالمجازر والقتل الذي شهدوه بالسابق ويشهدوه هذه الأيام من انقسام لعين ” نكبة جديدة ” حيث لم يعد للعلم الفلسطيني أي تقديس عند فصائل العمل الوطني والإسلامي بل أصبحت رايات الأحزاب هي الأسمى والأعلى من العلم الفلسطيني وناهيك عن ذلك حصار شديد أنهك كاهل الفلسطينيين فأصبح الفلسطيني يستشعر بأن النكبة تلازمه أكثر فأكثر ولا تفارقه وهذا كله ليس لذنب اقترفوه بل لرجعية عربية منبطحة متآمرة مع الصهيونية والامبريالية العالمية ورغم هذا كله إلا أن الثائر والكادح و الفلاح  الفلسطيني مازالوا يعشقوا كل حبة رمل تحتضن بين ثناياها  رائحة ومذاق برتقال أرضهم  الأشهى والأطيب وزيتونهم الطاهر وسنابل القمح وجبهة النخيل الشامخة وزهر الحنون الذي يحكي عن ربيعها الجميل  ولان أرضهم مباركة وطأتها أقدام الأنبياء والرسل فكانت مهد الأديان.

وعلى مدى تاريخ فلسطين لعبت القضية الفلسطينية  أدوارا متعددة فقد كانت سببا في ولادة دول واختفاء أخرى , كما اتخذها بعض الطامحين وسيلة للوصول إلى الحكم والاحتفاظ به وكانت سببا في ازدهار وتطور مجتمعات أخرى , فرغم المعاناة فان الفلسطينيين لم ولن يرضخوا للظلم والقهر الذي لحق بهم بل اقتنع العالم بان الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل بهذا الهوان والظلم الذي أصابه وأن صلابة وقوة هذا الشعب الغيور على أرضة الثائر دوما الذي يفاجئ العالم بإرادته الجبارة فعلا هو شعب الجبارين كما كانت تشدوا بها شفاه ملهم ثورتنا الرئيس الشهيد الخالد فينا أبو عمار في كل المناسبات الوطنية والتاريخية وصموده في وجه كل المؤامرات المعلنة وغير المعلنة للتوطين والاحتواء وطمس الهوية وشطب الشعب الفلسطيني من خارطة الشرق الأوسط الجديد .

وعلى الرغم من ذلك وفي كل ذكرى للنكبة تستمر الأجيال الفلسطينية بالمحافظة على تسليم الراية مرفوعة من جيل إلى جيل حتى يدحضوا  فكرة الكبار يموتون والصغار ينسون .

فلقد عانى شعبنا الفلسطيني على مدار 64 عاما من النكبة من توجه قائم على انتهاك حقوقه وإنكار وجودة فشكلت النكبة ضربة قاسية في صميمنا , شعبيا و مجتمعيا وتاريخيا وفصلا حاسما له تبعات بعيدة على مجمل تطوره الاجتماعي ولكنها لم تكن الضربة القاضية بأي حال وبالرغم من أن الواقع الجديد الذي أفرزته النكبة ظل شعبنا الفلسطيني لاجئ ومحتل ومطارد ومهدد إلا انه رفض مبدأ المنفى القسري كأمر واقع وظل حتى هذه اللحظة يناضل بكل الطرق الشرعية بالمقاومة لنيل حقوقه المسلوبة .

تأتي ذكرى النكبة في هذا العام في ظل حالة من تحرر الشعوب العربية من أنظمة رجعية عملت على قتل هذا الحق والمساومة عليه وفي ظل استمرار حالة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني  ” نكبة الانقسام ” وفي ظل معركة الأمعاء الخاوية التي يعيشها ويحياها الأسرى الفلسطينيون منذ السابع عشر من ابريل يوم الأسير الفلسطيني لم تتحرك هذه الشعوب المحررة من براثن الظلم والاستبداد بل زاد الصمت العربي أكثر فأكثر ولكن قبل ذلك لم نرى تحركا من القيادات الفلسطينية على المستوى المطلوب  والواجب عليه فعله ذلك لان قادتنا منهمكين بالظهور على شاشات التلفزة لإظهار ايجابيات حزبه وسلبيات الحزب الأخر وكأننا أصبحنا شعبين متناحرين  .

فأصبح الفلسطيني في أرضه غريب مضطهد ومنتهك الحقوق ولم يستطع العيش بالحد الأدنى من الكرامة البشرية التي يجب أن يحياها فأصبح ما أن يخرج من أزمة  ليدخل بالأخرى ويرجع للأولى لذلك كفانا استهتارا بالشعب الفلسطيني الذي قدم الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل العيش بكرامة لحسابات حزبية فئوية ضيقة والمستفيد منها أشخاص والخاسر هو الشعب الفلسطيني فكفى معاناة لهذا الشعب منذ 64 عاما وهنا نتذكر ما قاله الأديب غسان كنفاني ” إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية فالأجدر بنا أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية ” .

فإلى متى سنظل نحي هذه الذكرى الأليمة من كل عام تحت شعارات ودعوات براقة تدعو إلى الوحدة وتعمل نقيضها و لتبقى النكبة نكبة ويزداد الانقسام أكثر فأكثر فيصبح نكبة.

 

شاهد أيضاً

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر… ولكن ، بقلم : أسعد عبد الرحمن

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر… ولكن ، بقلم : أسعد عبد الرحمن بعد الانتصار الكاسح للرئيس …