10:39 مساءً / 13 فبراير، 2025
آخر الاخبار

فضاءٌ كنعاني مُشرِقٌ يعانقُ جسدَ الحريّة والحقيقة، “د. غدير حميدان الزبون” تكتب في الذكرى الـ13 لانطلاق “وكالة شفا“

فضاءٌ كنعاني مُشرِقٌ يعانقُ جسدَ الحريّة والحقيقة، “د. غدير حميدان الزبون” تكتب في الذكرى الـ13 لانطلاق “وكالة شفا“

في عالم اليوم، ومع كل جزء من الثانية حيث تتدفق المعلومات بلا توقف من كلّ حدب وصوب، تشكل “شبكة فلسطين للأنباء- شفا” فضاءً كنعانيّا حرًّا يعكس صورة مشرقة للنقاء والشفافية والمصداقية على مدار ثلاثة عشر عامًا من انطلاقها وانبعاث مجدها بين أترابها من وكالات الأنباء التي انتشرت على مساحات شاسعة في شتّى أنحاء البلاد؛ لكنّ هذه المنصة الإعلامية الحرة تفرّدت بالكثير من السمات التي جعلت منها بحقّ سلطة رابعة تنثر عيون الحقيقة.

فقد لعبت وكالة شفا وعلى مدار ثلاثة عشر عاما دورًا أساسيًا في توجيه الأفكار والمواقف وحتى السلوكيات، وهنا لربما يخرج البعض ليسأل ما المميّز الذي قدّمته “وكالة شفا” لتحظى بهذه المركزية وتستحوذ على رضا متابعيها؟
أقول: يمكن أن يكون الإعلام في ظاهره وسيلة لنقل الأخبار أو الترفيه، ولكنّ “وكالة شفا” في جوهرها تمتلك قدرة مذهلة على تشكيل الوعي المجتمعي وصياغة التصورات حول القضايا الاجتماعية والسياسية وحتى الثقافية حتى باتت تمثل نفسها كأهم منبر ومصدر في بناء الأفكار والمعارف والحصول على المعلومات والتعبير عن آراء المواطن في فلسطين من شمالها إلى جنوبها، فوسائل الإعلام الحديثة في ضوء حرية تدفق المعلومات وعصر السماوات المفتوحة، باتت من أهمّ الأدوات وأبرزها لانتقال الثقافات وتبادل الخبرات بين المواطنين في مختلف الدول وبشتى أنحاء العالم وهو ما تقوم عليه “وكالة شفا” بفضائها الرحب النزيه؛ إذْ يمكن للفرد الحصول على المعلومات و الأخبار في كلّ وقت وبأقل تكلفة ودون عناء أو جهد بمجرّد الدخول إلى متصفّحها، فيتأثر بها ويبدي رأيه ويعبر عن وجهات نظره رغم حواجز الزمان والمكان، خاصة وأنّها لا تضيق بنوعية الموضوعات والأحداث التي تتناولها كغيرها من سائل الإعلام، حيث تتّسع وتتشعّب وتتشابك أغصانها فهي ذات أدوار متعددة لأنّها تقوم بوظيفة تثقيفية وتوجيهية، ترفيهية، كما تقوم بنشر الوعي ودعم المعايير الاجتماعية المتعلقة بترسيخ وغرس قيم المواطنة، كما تدعم القيم السائدة، وهي تعمد لخلق التواصل الاجتماعي ودعم الوحدة الوطنية والانتماء.

فإعلامها هادف في مضمونه يسعى إلى الالتزام بقيم المواطنة بهدف الحفاظ على كيان المجتمع وتعريف المواطن بحقوقه وواجباته تجاه وطنه ومجتمعه، وكذا ترسيخ مفاهيم التعايش مع الآخرين واحترامهم والتسامح معهم، وتنمية الوعي الفردي، والولاء للوطن، وحقن التعصب والطائفية او السلبية؛ فتراها حاضرة حيث يتوقّعها الناس بكلّ قياديّة وموضوعيّة وتواضع متمثّلة بقواعد العمل الصحافي.

لقد قطعت “وكالة شفا” رحلة طويلة في العمل الإعلامي جعلتها تخلق توازنًا خاصًّا بين قواعد الموضوعية المهنية، والانحياز الاجتماعي الذي لا تتخلّى عنه. فتقاريرها الإخبارية التي تغطّي أحداثًا وحوادث ضخمة، لا تخلو من نقد صريح لأوضاع اجتماعية وسياسية مع ذلك فهي تدعم نقدها دومًا بمعلومات دقيقة بعيدًا عن أي إنشائية أو أيديولوجية فقد جعلت الوقائع والبيانات نقدًا أقوى من أي موقف معارض فدورها كصحافة حرّة محترفة يقضي بضمان تدفق حرّ ومستمرّ للمعلومات والأخبار بعين الحقيقة لا بعين الزيف والوهم والخداع، وهذا ما يحدث حقيقة لا مجازًا عندما تغطّي حدثًا ما، حيث تحرص على تقديم كلّ المعلومات، من دون أي انتقاء أو توجيه متمثّلة بشعار “الحياد البارد” في مرادف لمصطلح “الحرب الباردة”.

ومن نافل القول أنّ “وكالة شفا” واجهت ولا زالت تواجه متاعب لا تحصى، بسبب إصرارها على كشف الحقائق وتقديمها إلى الرأي العام فالتشهير الدائم هو بعض ما تواجهه في رحلتها الشّاقّة بحثًا عن ماء الحقيقة في ظل تفشي السراب من حولها؛ لكنّ مرجعها الأساسي يبقى الرأي العام والمشاهدون؛ لذا لا يمكنها أنْ تتخلى عن التزامها بتقديم الحقيقة واحتكامها دائمًا للمعايير المهنيّة. فلم تنجح تلك الصيحات الهدّامة في قولبتها أو إدخالها إلى الدائرة المغلقة المتشرّبة بظلال الحقائق بعيدًا صورها الأصلية، وسرعان ما استطاعت تطوير أدواتها الصحافية والإعلامية لتقف بكلّ ثبات أمام الرياح العاتية التي تضرب بالبلاد والعباد.

لكنّ القاعدة الواسعة للقراء والمتابعين والمساهمين تجعل من هذا المنبر الحرّ المحكم والجيد ذا تأثير واسع خاصّة بعد خروج الإعلام والصحافة عن السيطرة المطلقة في المنطقة العربية، فقد تزايد بشدة تأثير وسائل الإعلام المختلفة المستقلّة في الأحداث الجارية، وصار وجود إعلاميين مستقلين عن الدولة وممتلكين لأدوات مهنية راقية أمرًا ضروريًّا للحفاظ على هامش الاستقلال وتوسيعه.

وما لا تخطئه العين هو التأثّر الواضح للإعلام الرسمي بالإعلام المستقل في محاولة للبقاء.
فالتطور الذي شهده الإعلام الفلسطيني حتى الآن مهمّ جدًّا وغيّر كثيرًا في مجريات الأمور، ويؤكّد على أنّ “وكالة شفا” تصدّرت المشهد الإعلامي في فلسطين على مدار عملها خلال الثلاثة عشر عامًا من العطاء الفريد والبحث عن الحقيقة بكلّ ما أوتيت من قوة ضاربة عرض الحائط كلّ الخيوط الزائفة والصيحات الهدّامة من حولها، بل إنّني أعتقد أنّ الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الارتقاء لهذا الفضاء الكنعاني المشرق المستقل الذي يؤمن برسالته، لذا يثق به الآخرون.

وعبر مسيرة امتدّت ثلاثة عشر عامًا من العمل الإعلامي، أصبحت “وكالة شفا” جزءاً من رسالة الإعلام الحرّ ولم يعد غريبًا إذن أنْ يكون أول الأسئلة التي تُطرح عند وقوع حدث هام في فلسطين هو… أين “وكالة شفا”؟.

شاهد أيضاً

كيف نجحت ديب سيك في بناء نظام ذكاء اصطناعي بتكاليف أقل؟

كيف نجحت ديب سيك في بناء نظام ذكاء اصطناعي بتكاليف أقل؟

شفا – في الشهر الماضي، انهارت الأسواق المالية الأميركية بعد أن أعلنت شركة صينية ناشئة …