6:49 مساءً / 7 فبراير، 2025
آخر الاخبار

ثمن الصفقة مقابل خسائر الحرب ، بقلم : أحمد عبدالوهاب

ثمن الصفقة مقابل خسائر الحرب ، بقلم : أحمد عبدالوهاب

من المؤكد والمعروف أن كل حرب لها ضحايا، ولكن ما حدث في قطاع غزة، عقب عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها حماس في السابع من أكتوبر 2023، ليس حربًا بين الجيوش، وإنما هي عمليات انتقامية دفع ثمنها آلاف من المدنيين الأبرياء، واعُتقل على إثر احتجاز حماس للرهائن الإسرائيليين، المئات من الأسرى الفلسطينيين.

ما فعله جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، هو مخطط رسمه بنيامين نتنياهو، وله أبعاد سياسية، ظاهريًا يبدو الأمر وكأنه انتقام لما فعلته حركة حماس، ولكن الهدف الحقيقي وراءه هو تدمير قطاع غزة، وهو ما حدث بالفعل، لمحاولة إنهاء القضية الفلسطينية، بتهجير أصحاب الأرض.

احتجزت حماس 250 رهينة إسرائيلية، من أعمار وجنسيات مختلفة، قابلها قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بشن حملة اعتقالات في صفوف الفلسطينيين من مختلف الأعمار، وقُدر عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023، إلى حدود منتصف يناير 2024 5835 معتقلا ومعتقلة، واعتبارًا من 28 أغسطس 2024، أعيد 117 رهينة أحياء إلى إسرائيل، وتم إطلاق سراح 105 في صفقة تبادل أسرى.أفرجت حماس عن أربعة من جانب واحد وأنقذت قوات الدفاع الإسرائيلية ثمانية. أعيدت جثث 37 رهينة إلى إسرائيل، وقُتل ثلاثة من الرهائن بنيران صديقة من جيش الاحتلال الإسرائيلي وأعيدت جثث أربعة وثلاثين رهينة من خلال العمليات العسكرية.

وفي إجراء وصف بالعقاب الجماعي قامت إسرائيل بفرض حصار خانق على سكان غزة في محاولة منها للضغط على حركة حماس حتى تضطر لإطلاق سراح الرهائن تحت تأثير الأزمة الانسانية الخانقة ونقص الغداء، ووصفت منظمة العفو الدولية هذا الإجراء بأنه “اتخذ لمعاقبة المدنيين في غزة على تصرفات الجماعات المسلحة الفلسطينية”، حتى المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية فقد إعتبرت أن احتجاز عدة آلاف من العمال في غزة بأنه شكل من أشكال الانتقام لأسر مواطنين إسرائيليين.

الحقيقة أن العملية البرية التي قام بها جيش الاحتلال لم تكن ناجعة فضلا عن أنها عرضت حياة الرهائن للخطر، وبالفعل لقي عدد من الرهائن الإسرائيليين مصرعهم، في غارات شنها جيش الاحتلال، واتهمت إسرائيل حماس بقتل الرهائن، ليكون غطاء لها أمام العالم، لتكثيف عملياتها تجاه المدنيين، برعاية وحماية الولايات المتحدة الأمريكية.

اختفى آلاف الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل عقب الحرب. وتعتقد جماعات حقوق الإنسان أنهم تعرضوا لاعتقالات جماعية من قبل إسرائيل، لكن إسرائيل رفضت الكشف عن أسماء أولئك الذين تحتجزهم. ووفقًا للشهادات وتعرض بعض هؤلاء السجناء للضرب من قبل جنود إسرائيليين وحُرموا من الوصول إلى الصليب الأحمر.

ما حدث من دمار البنية التحتية والبشرية في قطاع غزة، هو نتاج لعملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها حماس، دون النظر لرد الفعل الإسرائيلي، رغم أنه من المؤكد أن الحركة كانت تعلم جيدًا أن جيش الاحتلال لن يصمت، خاصة وأن العملية كانت لها أصداء واسعة على مستوى العالم، وكشفت فزاعة “القبة الحديدية”، التي زعمت إسرائيل، عدم قدرة أي هجوم على اختراقها، لذلك جاء الرد الإسرائيلي الذي دمر الأخضر واليابس في غزة.

من ينظر إلى قطاع غزة الآن، يتأكد أنه غير مؤهل نهائيًا للحياة، لذلك عملية إعادة إعمار القطاع، تحتاج إلى ميزانية هائلة، وتكاتف ومساهمات من مختلف الدول، إلى جانب ذلك ستستغرق عملية الإعمار سنوات طويلة، ويتطلب الأمر إيجاد حل سياسي، والتفكير جيدًا في إدارة شؤون القطاع، وهو ما يتطلب أن تتخلى حماس عن طموحاتها في السيطرة على حكم غزة، وتغليب المصلحة العامة، على المصالح الشخصية، والتعاون مع السلطة الفلسطينية.

وفقا للإحصائيات الصادرة عن المؤسسات الصحية في غزة، بلغ عد الشهداء 46788، بالإضافة إلى الوفيات التي أبلغ عنها أفراد أسرهم، 59% منهم من النساء والأطفال وكبار السن، لكن تحليلا للأمم المتحدة وضع الرقم بالنسبة للنساء والأطفال عند مستوى 70%. أيضًا 110,453 فلسطينيًا أصيبوا في الصراع، 25% من هؤلاء أصيبوا بإصابات غيرت حياتهم.

ولا تفرق حصيلة الشهداء التي أعلنتها وزارة الصحة بين المدنيين والمقاتلين، لكن الجيش الإسرائيلي زعم أنه قتل 17 ألف مقاتل من حماس، ولم يكشف الجيش الإسرائيلي كيف توصل إلى هذا الرقم. لقد تسبب الصراع في أضرار واسعة النطاق وكبيرة للبنية التحتية في جميع أنحاء غزة. واستناداً إلى صور الأقمار الصناعية، وفي أحدث تحليل فإن 59.8% من المباني في قطاع غزة تضررت أو دمرت منذ بداية الحرب.

التكلفة الباهظة لما حدث في غزة، من دمار للمنشآت، واستشهاد الآلاف من المدنيين، واعتقال المئات من الفلسطينيين، انعكاس للقرار غير المدروس الخاص بتنفيذ عملية “طوفان الأقصى”، خاصة وأن التقارير أكدت عدم علم بعض قيادات حركة حماس بهجوم 7 أكتوبر، ما يؤكد أن هناك بعض الآراء داخل الحركة كانت لا تؤيد تنفيذ العملية، التي دفع ثمنها الشهداء والأسرى، ضحايا التنكيل والتعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

شاهد أيضاً

مخاطبة جاليات ومنظمات فلسطينية في أوروبا للجنائية الدولية عن الأحداث في الضفة ونداء لفريق المحامين الدولي العودة لمهامه

شفا – في خطوة مهمه بعد توقيع الهدنة لوقف الحرب على غزة وتوجيه جيش الإحتلال …