![السعودية في مواجهة مخطط التهجير: هل تستطيع الرياض حماية الفلسطينيين من مشروع ترامب الجديد؟ ، بقلم : م. غسان جابر](https://www.shfanews.net/wp-content/uploads/2025/02/1188.jpg)
السعودية في مواجهة مخطط التهجير: هل تستطيع الرياض حماية الفلسطينيين من مشروع ترامب الجديد؟ ، بقلم : م. غسان جابر
تشهد القضية الفلسطينية تطورات خطيرة مع تزايد الحديث عن مشروع أمريكي-إسرائيلي جديد يستهدف تغيير معالمها نهائيًا. تصريحات مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، أبرزهم جيسون غرينبلات وبتسلئيل سموتريتش، حول ضرورة “إيجاد مستقبل أفضل للفلسطينيين خارج غزة”، تكشف عن مخطط تهجير قسري يهدف إلى تصفية الوجود الفلسطيني في المنطقة.
في ظل هذا المشهد، تتجه الأنظار إلى المملكة العربية السعودية، التي ظلت لعقود الحصن العربي الأخير في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية. ومع تصاعد التهديدات، يُطرح السؤال الأهم: هل تستطيع الرياض التصدي لهذا المخطط؟ وما هي الأدوات التي تمتلكها لمواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية؟
مشروع ترامب: تهجير قسري تحت غطاء التنمية
منذ إطلاق “صفقة القرن”، كان واضحًا أن جوهر المشروع الأمريكي لا يتمحور حول إيجاد حل عادل للصراع، بل يرتكز على تصفية القضية الفلسطينية عبر إجراءات سياسية واقتصادية تخدم المصالح الإسرائيلية. واليوم، يبدو أن هذا المخطط يتم إعادة صياغته بأسلوب أكثر وضوحًا، حيث يجري الحديث صراحة عن تهجير سكان غزة إلى دول أخرى بحجة “تحسين ظروفهم المعيشية”.
الخطورة في هذا المشروع لا تكمن فقط في طبيعته القسرية، بل أيضًا في كونه يحظى بدعم ضمني من بعض القوى الإقليمية والدولية، التي ترى في التهجير “حلاً عمليًا” للصراع المستمر. ومع غياب موقف عربي موحد وصلب، يصبح هذا المشروع أكثر قابلية للتنفيذ.
السعودية: بين المبادئ التاريخية والتحديات الراهنة
على مدار العقود الماضية، التزمت المملكة العربية السعودية بدعم القضية الفلسطينية سياسيًا ودبلوماسيًا، وسعت إلى حماية الحقوق الفلسطينية من خلال مبادرات مثل “مبادرة السلام العربية” التي تبنتها في قمة بيروت عام 2002. اليوم، ومع تزايد المخاطر، تواصل الرياض تأكيد موقفها الرافض لأي محاولات لفرض تهجير قسري على الفلسطينيين.
لكن، في ظل تحولات المشهد الإقليمي والدولي، تواجه السعودية تحديات معقدة في إدارة هذا الملف. فمن جهة، تسعى المملكة إلى الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ومن جهة أخرى، ترفض أي حلول تُفرض على الفلسطينيين دون موافقتهم. ومع التقارب السعودي-الإيراني الأخير، برزت إمكانية تشكيل تحالف إقليمي جديد يرفض المخططات الإسرائيلية-الأمريكية في المنطقة.
ما الذي يمكن أن تفعله الرياض؟
تمتلك السعودية أوراق ضغط قوية يمكن توظيفها لإفشال المخطط الأمريكي-الإسرائيلي، ومن أبرزها:
- التأثير الدبلوماسي الدولي: من خلال حشد موقف عربي وإسلامي موحد في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، للضغط على القوى الكبرى لمنع فرض حلول قسرية على الفلسطينيين.
- الضغط الاقتصادي: السعودية قادرة على استخدام نفوذها الاقتصادي للضغط على الشركات والدول التي تدعم مشاريع الاستيطان والتهجير.
- تحقيق مصالحة فلسطينية: يمكن للرياض لعب دور رئيسي في إنهاء الانقسام الفلسطيني، مما يعزز قدرة الفلسطينيين على مواجهة المخططات الخارجية.
- تعزيز الدعم الإنساني والاقتصادي لغزة: من خلال مشاريع تنموية تعزز صمود الفلسطينيين في أرضهم وتمنع تنفيذ مشاريع التهجير.
القيادة الفلسطينية: هل تستطيع الاستفادة من الدعم السعودي؟
في المقابل، يبقى التحدي الأهم في الموقف الفلسطيني نفسه. القيادة الفلسطينية تواجه ضغوطًا داخلية وخارجية، وتُتهم بالتردد في اتخاذ قرارات جريئة لمواجهة المخططات الأمريكية-الإسرائيلية. وفي ظل الانقسام الفلسطيني المستمر، يصبح التصدي لهذا المخطط أكثر صعوبة.
للاستفادة من الدعم السعودي، تحتاج القيادة الفلسطينية إلى:
إعادة ترتيب البيت الداخلي عبر إنهاء الانقسام بين فتح وحماس.
تطوير استراتيجية جديدة للمواجهة تعتمد على حراك دبلوماسي وشعبي فعال.
تعزيز العلاقات مع الدول الداعمة مثل السعودية وتركيا وقطر ومصر، لضمان موقف إقليمي موحد.
الخلاصة: هل يمكن للسعودية إيقاف المشروع؟
المملكة العربية السعودية تقف اليوم أمام اختبار سياسي مهم، حيث يمكنها لعب دور محوري في إفشال المخطط الأمريكي-الإسرائيلي الجديد. لكن نجاحها في ذلك يتطلب موقفًا عربيًا موحدًا، ودعمًا فلسطينيًا داخليًا متماسكًا.
إذا استمر الانقسام الفلسطيني، وتخاذلت بعض الدول العربية، فإن المشروع قد يصبح واقعًا لا رجعة فيه. ومع ذلك، فإن الموقف السعودي القوي والمستقل يمكن أن يكون حجر الأساس في مواجهة هذا المخطط، إذا ما توافرت الإرادة السياسية العربية والفلسطينية لمواجهته بفعالية.
الوقت ينفد، والسؤال المطروح: هل يتحرك الفلسطينيون والعرب قبل فوات الأوان؟
م. غسان جابر (قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)