9:40 مساءً / 3 فبراير، 2025
آخر الاخبار

هل يعود دفئ الدراما السورية ؟ بقلم : شذا برهوش

شذا برهوش

هل يعود دفىء الدراما السورية ؟ بقلم : شذا برهوش

أجلس على شرفة منزلي وحظي قد يكن موفقاً بإختيارها فيلّفها الخضرة من كل جانب وحجر عتيق لا يخدش تماماً كصّلابتنا و شجرة نخيل شامخة تتمايل مع هواء رام الله العنيد فتراها ذّكرنا بشموخنا الصامد , احتسي النّعناع والميّرمية فالقهوة باتت كالذهب أو قد تصبح مشروب الأثرياء ونحن بالطبع لسنا منهم , يعيدني هذا الهواء لذكريات ضّيقة وأدندن برأسي ( كل شيئ ضاق , ضاق حتى ضاق ) ! وهل فعلاً أحلامنا نفذت؟ قد ينفذ كل شيئ إلا الكلام , فأرواحنا بالرغم من إنّها متعبة لكنّها تعطي ورداً وياسمينا سيغزو الحدائق فالرّبيع على الأبواب وأكوام النّرجس التي أحبها تنتظرني بشغف

يطرق بمخيلتي جلسات العائلة حول مسلسهم المفضل وأمي من بعيد تعّد مشروب السّحلب السّاخن ولا أعلم كيف بات اليوم هذا المشروب يُباع بالكافيهات ربما لا يدركون أن سحر الطعم والنّكهة تصنعه أيدي الأمهات ولا علاقة للمكونات بذلك ! وتدق الّساعة ونترتب حول التلفاز ما بين نصائح نجيب في مسلسل الفصول الأربعة ونغمات نامي إذن يا روح في دراما الأحلام الكبيرة , وصدى صوت أم صالح بقولها ” توخذيش كل الأغراض يا أم أحمد خذي الشغلات المُهمة كلها كم يوم وراجعين ” وشاء الهوى وشاءت الأقدار وبقينا ننتظر هذا اليوم ! وبلا شك أصبحنا صامتين حتى لو تكلّمنا , بالفعل أرواحنا تشتاق لكل تفاصيل الدراما السورية المغلّفة بالأمان والمصنوعة بُحب والمشّوقة لعالم هادىْ بسيط يكللّه الحب من كل جانب والوفاء والإخلاص من جانب آخر ما بين شقاوة طلاب المدارس في أيام الدّراسة والحنين المسّروق الذي يُلاحقنا في سيرة حب.


كنا نرتب مواعيد واجباتنا المدرسية بحيث لا تضيع علينا حلقة من مسلّسلنا المفضل , نرتب الجلسة بكل تفاصيلها وندعو الجميع ليشاهد هذه الدراما السّحرية ولا يخلو الأمر من التحليلات والنقاشات المستمرة فيصبح كلٌ منا مُخرج والأخ الكبير قد يشاهد الحلقة ُمسبقاً فلا بد أن يضفي بصماته بأن يحرق المشاهد مشَهداً تلو الأخر حتى ننتقم منه جمَيعاً ونطعمّه بجرعة سحلب اضافية تغلي كي يصمت ويركض طالباً النجدة , ونضحك كلنا من بساطتنا ومن كعكة البرتقال التي أعدتها أختي الشيف قد تكون مشروع كعكة برتقال لكنها هشّة تجعلها تتمايل من يدينا وتنزلق وعليك مهُمة أن تلاحقها لتمضّغها في فمك بنجاح ! المشكلة ليست بالفكرة ولا بالمكونات لكنّه الفرن اللّعين لا يصلحْ لصنع الحلويات وحرارته لا تكاد تذكر !

لم نكن نعلم التشيز الكيك ولا كرات الكاكاو المغلّفة بمواد اصطناعية ربينا على كعكة البرتقالْ من أنامل أختي وها أنا أشتهيها الآن أشتاق لأختي وكعكتها والتعليقات التي كنا نلقّنها إياها وكأننا توب شيف ! وأخبرك بإنني على استعداد تام لتذّوق هذه الكعكة السحرية على طاولة واحدة بجنينة منزلنا وشجرات الليمون التي زرعها والدي أو أمام شاشة التلفاز ومدفأة الحطب بيوم ماطر.


كل هذا الحب لنا , كل هذا الحنين يلاحقنا فالتكّنولوجيا اللعينة سرقت منا أحلامنا وبتنا آلات مستهلكة وقد نكون عاملة لكن ينقصنا الدفىء تماماُ هذا الدفيء الذي ربينا عليه كأن نستيقظ على صوت سورة يس ونشرب الحَليب يومياً لنبني عقولنا قبل أجسادنا حليب فقط بلا منكّهات ! ونشاهد دراما أهل الغرام حتى بتنا منهم , أرواحنا متعبة لكنها تتسع للكثير من الأمل والبسمات وقد يأسرنا مشهد طفل صغير يلاحق بالونه أو يسيّر طائرة ورقية ويذّكرنا بطفولتنا العجيبة واللعب بالحبال والطين وإذا كنت راقياً أكثر قد تلعب بالكورة ! ولا أعتقد أن المتعة هذه تبثها لعبة الببجي التي غزت عالمنا اليوم !.

على أنغام تتر شارة مسلسل شاء الهوى “وهي الحياة كل شيء فيها ممكن” قد نبني عالماً وردياً مغلفاً ببساطة أرواحنا وجمال أهدافنا وشغفنا الذي لا ينضب قد يتغير كل شيء إلا القيم التي ربينا عليها هي مغروسة فينا ما حيينا نحن صنّاع القرار وروّاد الأمل والجيل الذي يبث حُباً بعالمه ,ما زلنا نحتفظ بدفتر الذكريات للآن ونلاحق أصدقاءنا القدامى لنطّمئن عليهم , جيل ينبش في الصخر ليبقى معالمه موجودة حتى وإن غابت التفاصيل نحاول نزع أثرها بكل موقف لتبقى الرسالة رسالتنا و الأمان شعارنا , نبث الطّاقة ما حيينا ونخلق من التحديات فرصاً ومن أبسط الأمور نصاً عميقاُ كهذا , لا غيّب الله عنا هذا الإبداع ولا أبعد عنا روح المبادرة وأبقانا نستظلْ بدفيء العائلة ونتذكر كل مشاعرها جلّ مشاعرها مع عطري ميعاد

شاهد أيضاً

اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تؤكد على ضرورة انهاء الحرب والعدوان بشكل كامل

اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تؤكد على ضرورة انهاء الحرب والعدوان بشكل كامل

شفا – عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعًا، ثمنت فيه قرار إعلان وقف إطلاق …