7:47 مساءً / 2 فبراير، 2025
آخر الاخبار

صفقة القرن ، الموسم الثاني ، بقلم : د. دلال صائب عريقات

صفقة القرن ، الموسم الثاني ، بقلم : د. دلال صائب عريقات

صفقة القرن ، الموسم الثاني ، بقلم : د. دلال صائب عريقات


نشهد تحضيراً لمقايضات سياسية وتطبيع بغطاء اقتصادي مع عودة دونالد ترامب، حيث برزت مجدداً محاولات لفرض سيناريو التهجير القسري للفلسطينيين. إلا أن هذه المخططات، التي حاول الإسرائيليون فرضها ضد ١.٩ مليون نازح في جنوب غزة طُرحت سابقاً، وقوبلت برفض قاطع من القاهرة وعمان، مما أفشل أية محاولة لتفريغ القطاع من سكانه. طروحات ترامب ليست سوى بالونات اختبار وتكرار لسيناريوهات سابقة، استخدمتها إدارة الرئيس ترامب لاختبار ردود الفعل الإقليمية والدولية.

حول العالم، أوامر ترامب فيها اعتداء مباشر على سيادة الدول، بدءاً من الدانمارك وفكرة الاستحواذ على جرينلاند، وكندا أن تصبح الولاية الحادية والخمسين الأمريكية والسيطرة على قناة بنما، وأن تزيد دول الناتو الانفاق العسكري 2%، ثم في منطقة الشرق الأوسط يريد من السعودية أن تستثمر تريليون دولار في أمريكا، ومن الأردن ومصر أن يستوعبا سكان غزة.

ترامب لديه مصلحة في إقامة تحالف عسكري شرق أوسطي على غرار الناتو، تقوده أمريكا وقد يكون مفاجئاً جداً من حيث التمثيل من دول المنطقة. الشرق الأوسط هو الملعب الذي يريد ترامب من خلاله أن يسيطر على الطرق التجارية العالمية ليتفوق على الصين في مشروع طريق الحرير، وهذا جزء من خطة تفريز قطاع غزة.

نشهد عودة صفقة القرن بوجه جديد؛ ترامب ينفذ خطة الشرق الأوسط الجديد. بدأ المشهد بالتحولات السلسة في سوريا ولبنان، وتمكين حركات المقاومة بدلاً من القضاء عليها، وصفقة تبادل الأسرى، ثم رفع القيود عن المستوطنين، وإلغاء الفيزا والإقامات للطلبة الذين وقفوا مع غزة، ووصف غزة “بموقع للردم”.

التحركات الأمريكية الأخيرة تعكس ملامح “الموسم الثاني” من “صفقة القرن”، حيث تسعى إدارة الرئيس ترامب من خلال سياسة فرض الأمر الواقع إلى إحياء مسار التطبيع العربي-الإسرائيلي، مع التركيز على إتمام اتفاق بين السعودية وإسرائيل.

حتى الآن، حافظت الرياض على موقفها الداعم للحقوق الفلسطينية، إلا أن هناك تغيراً ملحوظاً في لغة الخطاب السياسي يستوجب الانتباه. فبدلاً من التشديد على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية كشرط مسبق للتطبيع، أصبحت التصريحات الأخيرة تتحدث عن “خريطة طريق لإقامة الدولة الفلسطينية”، وهو تحول قد يعكس استعداداً لتقديم تنازلات في الشروط مقابل تحقيق اختراق سياسي في ملف التطبيع.

هذه التحولات تفرض على الجانب الفلسطيني قراءة دقيقة للمشهد السياسي، لضمان عدم تهميش حقوقه الوطنية، ضمن أية تسوية إقليمية محتملة حيث يوظف الاقتصاد كأداة ضغط سياسي، وهنا نحذر من المحاولات المتكررة لاستخدام الحلول الاقتصادية، كبديل عن الحل السياسي. القضية الفلسطينية لا يمكن اختزالها في تحسين الأوضاع المعيشية، أو تعزيز الاستثمارات والمشاريع الريادية والتكنولوجية. فالاستراتيجية الأمريكية الحالية، والتي تشمل ضخ أموال لدعم السلطة الفلسطينية تحت عناوين مثل “تمكين المجتمع المدني” و”تحسين الاقتصاد”، قد تعيد إنتاج سيناريوهات سابقة وجولات تفاوضية مفرغة، لن تحقق أي تقدم سياسي ملموس، ولكنها ستشتري الوقت للاحتلال لمصادرة وضم المزيد من الأرض.

الدروس المستفادة من اتفاقيات أبراهام الأولى توكد أن أي طرح اقتصادي لا يعالج جذور الصراع طويل الأمد، والمتمثلة في الاحتلال الإسرائيلي، هو مجرد محاولة لتسكين وإدارة الصراع، بدلاً من حله. لذا، ضروري أن يكون الموقف الفلسطيني واضحاً في رفض أي حلول اقتصادية تُطرح كبديل عن الحقوق السياسية المشروعة.

هناك مخاطر لتقسيم فلسطين، أحد السيناريوهات التي يجب الحذر منها هو الحديث عن إقامة “دولة غزة”، وهو مشروع يهدد وحدة الأراضي الفلسطينية، ويقوض حل الدولتين. هذا الطرح يعني ترسيخ الانقسام الفلسطيني، ما يخدم الرؤية الإسرائيلية التي تسعى لإبقاء الضفة الغربية تحت سيطرتها، مع ترك غزة في وضع سياسي معزول، لا يُفضي إلى دولة حقيقية، وبهذا يكون إنهاء لحق الشعب في تقرير المصير.

ما المطلوب فلسطينياً؟ ضرورة تبني موقف فلسطيني وطني راسخ، بحيث لا يُختزل النقاش في قضايا مثل أموال المقاصة أو تحسين الظروف الاقتصادية، بل يكون التركيز على تحقيق الحقوق السياسية المشروعة، وأهمها إنهاء الاحتلال، تحديد حدود دولة إسرائيل، وضمان السيادة الفلسطينية الكاملة.

القضية الفلسطينية ليست ملفاً إنسانياً أو اقتصادياً، بل هي قضية سياسية بامتياز. لا يمكن لأي مبادرات اقتصادية أمنية تكنولوجية أو تجارية أن تحل محل الحقوق الوطنية، وأي اتفاق لا يحقق العدالة للفلسطينيين سيبقى هشاً وقصير الأمد.

شاهد أيضاً

الصين تعارض بشدة خطوة الرسوم الجمركية الأمريكية وتتعهد باتخاذ تدابير مضادة لحماية المصالح

الصين تعارض بشدة خطوة الرسوم الجمركية الأمريكية وتتعهد باتخاذ تدابير مضادة لحماية المصالح

شفا – قالت وزارة التجارة الصينية اليوم الأحد إن الصين غير راضية بشدة عن قرار …