نافذة على العالم أم عبء إضافي؟ بقلم : شيراز فؤاد بكر
تعلم اللغة الإنجليزية في حياة الطلبة الفلسطينيين في ظل حالات الطوارئ ( الحرب و الاجتياحات).
يُعد تعلّم اللغات العالمية و في مقدمتها اللغة الانجليزية وسيلة فاعلة لتعزيز فرص التعليم و التعلم و الاتصال و التواصل و الانخراط في العالم المعاصر ذو صبغة التحدي ، كما ويعد نافذة على ثقافات متعددة وفيها ، خاصةً في الوقت الحالي الذي أضحت فيه اللغة الانجليزية هي اللغة المعتمدة والطاغية في معظم المجالات المعرفية والعلمية ، و على منصات التواصل الاجتماعي في العالم الموازي ، لذا فإن الإلمام بمقوّمات هذه اللغة ، يوفر فرصة عملية ومثالية للاتصال والتواصل بالعالم الخارجي ، و خاصة لأطفال فلسطين الذين سلبتهم الحروب اللاإنسانية المتعاقبة والاجتياحات الهمجية التي لا تنتهي ، من أبسط حقوقهم بالتعليم والتعلم و العيش بسلام وأمن كما أطفال العالم .
كما و يُعد تعلم اللغة الانجليزية الطريقة المُثلى في الوصول الى المعرفة العالمية ( فورما المعرفة) و تحسين جودة فرص الطلبة الفلسطينيين المستقبلية فيما يخص التعليم الذي يفضي لسوق العمل، كما و يعزز فرصهم بالاطلاع على البرامج التعليمية الدولية ، ذات الأبعاد العابرة للجغرافيا ، والمشاركة بها و الحصول على منح دراسية توفر لهم مستقبلاً أفضلاً و أكثر استقراراً و أمناً وفاعلية .
و مع ذلك يبقى تعلم هذه اللغة في ظل الحرب و الاجتياحات ( الطوارىء) تحدياً استثنائياً يتجاوز الصعوبات الأكاديمية الروتينية التي يعاني منها الطلبة عادة ، ليشمل أعباءً نفسية و اجتماعية واقتصادية و سياسية تجعل من عملية التعلم والتعليم عملية معقدة ومرهقة ، و مشحونة بالكثير من المعيقات و الصعوبات المتتالية ، بدلاً من كونها تجربة ممتعة تنتج ثمرة موسمية.
ان الظروف القاسية و الأوقات الصعبة التي يمر بها الطلبة في فلسطين تفرض واقعاً تعليمياً هشاً معقداً محفوفاً بالمخاطر والهلكات ، اذ أن الاجتياحات المستمرة التي تشهدها الضفة الغربية و الحروب التي أنهكت القطاع تؤدي حتما لانقطاع الدراسة لأيام و قد تمتد أحياناً لأسابيع وأشهر ولسنة دراسية كاملة ، بالإضافة الى غياب البيئة التعليمية الآمنة المستقرة و غياب القدرة في الحصول على الموارد والإمكانات التعليمية المناسبة لتعلم اللغة الانجليزية بفاعلية ، و التي تتجسد بضعف البنية التحتية الرقمية وغياب البيئة التعليمية المحفزة حيث تؤثر الأوضاع السياسية اللامستقرة ( كبيئة طاردة) سلباً على سلام وسلامة الطلبة النفسي والإجتماعي ، و بالتالي ضعف تركيزهم و تفاعلهم مع المواد التعليمية و انخفاض رغبتهم بالتعلم الموضوعي ، و بالتالي فإن هذه العوامل مجتمعة تجعل من تعلم اللغة الإنجليزية تحدياً يعيق انخراطهم مع العالم الخارجي وفيه.
إن تعلم اللغة الانجليزية في ظل الحرب و الاجتياحات المتكررة يثير جدلاً كبيراً حول دوره كنافذة مطلة على العالم ، ووسيلة لإيصال أصوات الطلبة الفلسطينيين في المحافل الدولية لضمان ديمومة المناصرة العالمية للقضية الفلسطينية ، و الذي من الممكن تحقيقه من خلال تجهيز جيل متقن لمهارات اللغة الانجليزية الأساسية ، و بين كونه عبئاً اضافياً تراكميا يُضاف إلى معاناة أطفال فلسطين في ظل صراعهم من أجل البقاء والحياة ، مما قد يجعل اللغة الانجليزية أقل أولوية مقارنة بالاحتياجات الأساسية.
وبين هذين التوجهين، يظل توفير بيئة تعليمية تعلمية آمنة و داعمة و مستقرة ، هو عاملًا أساسيًا فاعلاً في تحويل تعلُّم اللغة الإنجليزية من تحدٍّ يُضاف على كاهل الطلبة ، إلى فرصة تمكينيه حقيقية قد تضمن لهم مستقبلاً مشرقاً.
لهذا، ينبغي النظر إلى هذه القضية من منظور شمولي كلّي يراعي ظروف الطلبة الاجتماعية والنفسية و السياسية، ويعمل بفاعلية في تسخير تعلّم اللغة الانجليزية كوسيلة لتعزيز الهوية والصمود على أرضنا ، وتمكين الأجيال الناشئة كالأوتاد الواعية ، دون أن يُشكّل عبئًا اضافيًا يُثقل كاهلهم و كاهل أولياء أمورهم في ظل المعاناة المستمرة التي تشهدها البلاد جرّاء التغوّل الصهيوني المقصود في بيئة طاردة للحياة في فلسطين ، وأولها التعليم.
- – الاستاذة شيراز فؤاد بكر – مشرفة لغة انجليزية – مديرية تربية وتعليم طولكرم – فلسطين