دونالد ترامب وتغيير النظام الدولي ، بقلم : سمى حسن عبدالقادر
أعلن دونالد ترامب قبل أيام أنه يريد استعادة قناة بنما، وشراء جزيرة جرينلاند من الدنمارك، وضم كندا للولايات المتحدة الأمريكية، وتغيير اسم خليج المكسيك إلى “خليج أمريكا!
يرى دونالد ترامب تاريخ الإمبراطوريات العالمية بشكل مختزل، حيث يعتقد أن القوة هي المفتاح الوحيد للتغيير الجغرافي، السياسي، الاقتصادي، والثقافي. في السياق ذاته، تستمر إسرائيل، على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، في الحديث عن توسيع نطاق دولة إسرائيل على حساب أراضٍ في الأردن، سوريا، ولبنان.
تصاعد انتهاكات سيادة الدول، واقتطاع المساحات الجغرافية، وانتشار التهديدات بهذا الشأن في الخطاب الرسمي، يمثل تحولاً كبيراً في البيئة الدولية. لم تعد حدود الدول اليوم محمية إلا بالقوة المطلقة. كما أن مكانة الحقوق الإنسانية في الخطاب السياسي تراجعت بشكل حاد ولم تعد تشكل أولوية.
هذا التهاوي في الأسس التي قام عليها النظام الدولي يمثل مقدمة لانهيار باقي مفاصله، وأبرزها الدولة الوطنية الحديثة. وربما نشهد خلال السنوات المقبلة ظهور كيانات سياسية جديدة.
بالعودة إلى عقيدة دونالد ترامب الجديدة، نجد أنها تسعى للقضاء التام على أهم وأخطر مبادئ الأمم المتحدة، التي حكمت النظام العالمي منذ عام 1945 وحتى اليوم. يسعى ترامب إلى العودة بالعالم إلى مبادئ عصبة الأمم، حيث تكون حدود الدول مرهونة بمادياتها وقدراتها التدميرية، سواء كان ذلك عن طريق السلم، الحرب، أو الصفقات.
لذلك، يطمح دونالد ترامب إلى وضع اليد على قناة بنما، وضم جزر جرينلاند في القطب الشمالي، وتحويل كندا إلى ولاية جديدة ضمن الولايات المتحدة الأمريكية. كما يبدو أنه سيمنح روسيا الضوء الأخضر لضم شرق أوكرانيا المفيد، ويمنح إسرائيل الفرصة للاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي أربع دول عربية.
لن تكون هناك قوة قادرة على وقف هذا المد سوى الصين، التي تسعى بدورها إلى توحيد أراضيها بضم تايوان. وربما نشهد لاحقاً اندماج الكوريتين الشمالية والجنوبية، كما قد يُسمح لتركيا بالتوسع وضم المناطق الكردية.
في ظل هذه التطورات، على العالم أن يعي واقع الخرائط الجديدة التي تتشكل. نحن أمام عالم جديد يُعاد تشكيل أقطابه من أمم لا من دول ونظم.
هذه التحولات تتطلب إعادة النظر في كيفية فهم السياسة الدولية. القواعد التي حكمت النظام الدولي لعقود قد تصبح شيئاً من الماضي في المستقبل القريب.