يوم الأحد وبتوقيت الهدنة ، بقلم الدكتورة والروائية رولا خالد غانم
يوم الأحد وبتوقيت بدء الهدنة، سيسقط الخوف والرعب عن جسد غزة ، ستصبح غزة دون طائرات حربية، ودون طائرات استطلاع، ودون لملمة أشلاء، ودون نزوح ودون موت.
ستنهض غزة من بين الرماد، وتظهر بأبهى حلَة، كيف لا و هي ابنة البحر و عروسه … كيف لا و هي التي تزنرت بثياب العز و الكرامة، رغم كل الضربات التي تلقتها من نازيي العصر الذين حاولوا جاهدا، استئصالها من قلب فلسطين …
دفعت غزة فاتورة باهظة؛ من أجل البقاء و التشبث بالأرض و الهوية الوطنية…
نساؤها واجهن الويلات التي لو جمعنا كل لغات العالم لم نستطع وصفها، فكنّ السياج الحامي لأسرهن المنكوبة.
تجرع كل من في غزة…من رجال وشباب وأطفال وخدّج مرارة الحرب الطاحنة من قتل وتدمير و نزوح و تشريد … وحرمان و تجويع متعمد و حصار جائر ، لكنهم لم يلقوا بأنفسهم بالبحر ولم يبتلعهم…
خمسة عشر شهرا من القهر و النار … خمسة عشر شهرا من الطحن و التعذيب…خمسة عشر شهرا، و غزة مصلوبة ومعلقة على جدار المجهول والانتظار، بلا رحمة أو شفقة، مستباحة برا و جوا و بحرا مع ذلك بقيت، تستصرخ ضمير العالم الذي بان على حقيقته، بكل شموخ.
غزة بالرغم من المقتلة والمحرقة والتطهير العرقي، وخطة الجنرالات وسياسة التجويع والعزلة.. حافظت على اسمنا الفلسطيني، وصانت الوصية و حفظت أمانة الش/هداء و عهدهم بعد أن ذاقت ما ذاقته و اكتوت بما اكتوت به.
لذا علينا الآن، أن نمد يد الحنان للثكالى، ونربت على الأكتاف التي حملت هذا الحمل الثقيل الذي تعجز عن حمله الجبال.
غزة التي تمسح عن جبينها عرق الصبر الآن، وتحاول استعادة عافيتها.. لها ديْن أبدي في رقابنا علينا أن نوفيه وفاء لتحملها.. عرفانا لانتزاعها الحياة من فم الموت الذي كان محتّما.
الآن وقت العمل وليس الكلام، نعم فرحنا جميعا لخبر وقف إطلاق النار، لوقف شلال الدم ونزيف شعبنا الذي ذاق جميع أصناف العذاب، لكن الخراب الذي حل ببلادنا، يحتاج إلى نفوس عظيمة وشجعان لإزالته، نحن الآن بأمس الحاجة لشرفاء شعبنا ، أنا أدعو كل فلسطيني في كل مكان في العالم، لمد يد العون لأهله، هذا وقت إغاثة شعبنا المنكوب، والله ينصر من ينصر أخاه، لا تنسوا لدينا آلاف الجرحى، لدينا معاقون وفاقدو بصر وفاقدو أهل، الحرب اليوم على من لم يساعد في لملمة الجراح وجمع الكل الفلسطيني تحت مظلة الوطن، هنا يكتمل الصبر، إن الله ينصر من نصر مظلوما، ونشهد أن الذين استضعفوا منا وظلموا لم يكن لهم حول للدفاع عن أنفسهم ولا قوة، فلتمتد لهم يد العون والعطف، والتضامن..
ويعلم الكون بأسره أن الفلسطيني شهم كريم شريف بطبعه، لا يترك أهله في المحنة ووقت الضيق ولا يخون وطنه.. والله معنا ومعكم حتى الحرية.
- – الدكتورة والروائية رولا خالد غانم