1:09 مساءً / 14 يناير، 2025

مسافر يطا: صمود فلسطيني في وجه الاحتلال ورمزية الشيخ سليمان الهذالين ، بقلم : م. غسان جابر

مسافر يطا: صمود فلسطيني في وجه الاحتلال ورمزية الشيخ سليمان الهذالين ، بقلم : م. غسان جابر

مسافر يطا: صمود فلسطيني في وجه الاحتلال ورمزية الشيخ سليمان الهذالين ، بقلم : م. غسان جابر

في قلب التلال الجنوبية لمحافظة الخليل تقع مسافر يطا، منطقة فلسطينية تتألف من 19 قرية، تجسد مقاومة شعب يواجه تهديدات مستمرة بالتهجير القسري. هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها حوالي 30 ألف دونم، تمثل نموذجًا فريدًا للصراع على الأرض والهوية بين سكانها الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، الذي أعلنها “منطقة تدريبات عسكرية” منذ الثمانينيات.

قرى مسافر يطا وتاريخها

تضم مسافر يطا: التواني، الفقير، الطوبا، جنبا، المركز، الحلاوة، الفخيت، التبان، المجاز، خربة أصفي (الفوقا والتحتا)، مغائر العبيد، البقلة، بير العبيد، قواويس، خربة المعقورة، الركيز، شعب البطم، خلة الديب، وصارورة.
رغم أن هذه القرى مأهولة منذ أجيال طويلة، يواجه سكانها البالغ عددهم أكثر من 3,000 شخص خطر التهجير الدائم. يعيشون في ظروف معيشية قاسية بين الكهوف والأكواخ البسيطة، إذ يحرمهم الاحتلال من تراخيص البناء، ويقوم بشكل دوري بهدم منازلهم بحجة أنها “غير قانونية”.

الصمود الأسطوري للسكان

رغم كل ذلك، يتمسك أهالي مسافر يطا بأرضهم بشجاعة استثنائية. تقول جَملة الربعي (59 عامًا): “نحن نبني ونعيش على أرضنا، لا بديل لنا عنها.” بينما يؤكد عثمان أبو قبيطة (30 عامًا) من خربة الإصْفير: “وجودنا هنا لا نهاية له. سأموت أنا وسيبقى أبنائي وأحفادي هنا.”


إن هذه الروح الصامدة تجسد إصرار السكان على التمسك بحقوقهم، مهما كان الثمن.

الشيخ سليمان الهذالين: أيقونة المقاومة الشعبية

من بين أبرز رموز الصمود في مسافر يطا، يبرز اسم الشيخ سليمان الهذالين، الذي قضى حياته في الدفاع عن أرضه ضد الاستيطان. وُلد ونشأ في هذه الأرض، وكان حاضرًا في الصفوف الأمامية في جميع الفعاليات المناهضة للاحتلال.

في 5 يناير 2022، استُشهد الشيخ الهذالين بعد أن دهسته مركبة تابعة للاحتلال خلال مواجهته لمحاولات تهجير السكان. مثّل استشهاده خسارة كبيرة، لكنه أيضًا رسّخ مكانته كرمز للنضال الشعبي. لقد ألهمت شجاعته الأطفال والشباب، الذين كانوا يستمعون إلى قصصه عن أهمية الأرض، ويشاهدونه يحمل العلم الفلسطيني ويزرع الزيتون كرمز للبقاء.

الجدة فاطمة: شجاعة المرأة الفلسطينية

تُعد الجدة فاطمة مثالًا آخر على الصمود. فقدت عينها أثناء مواجهتها المستوطنين، لكنها لم تستسلم. كانت دائمًا تتواجد في أرضها، ترعاها وتحميها رغم التهديدات. تقول فاطمة: “هذه الأرض هي حياتي، ولن أتركها أبدًا.”
لقد أصبحت قصتها ملهمة لأجيال عديدة، تعكس قوة المرأة الفلسطينية في الدفاع عن أرضها وهويتها.

رسائل من الأرض

قصص مسافر يطا ليست مجرد حكايات عن معاناة، بل هي دروس في الإصرار. من الجدة فاطمة إلى الشيخ سليمان، يروي أهالي هذه القرى حكاية شعب يرفض الخضوع للظلم. في كل شجرة زيتون وفي كل مغارة، يعيش أمل الصمود والتمسك بالحق.

المجتمع الدولي: أين العدالة؟

رغم الانتهاكات المستمرة في مسافر يطا، يبقى المجتمع الدولي صامتًا أمام معاناة سكانها. إن استمرار الاحتلال في تهجير الفلسطينيين وبناء المستوطنات يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، خاصة المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.

نؤكد و نقول مسافر يطا ليست مجرد أرض، بل رمز للصمود الفلسطيني في وجه الاحتلال. قصص سكانها، من الشيخ سليمان الهذالين إلى الجدة فاطمة، تظل محفورة في ذاكرة النضال الفلسطيني، شاهدة على أن هذا الشعب لن يتخلى عن حقه مهما اشتدت المحن.

رحم الله شهداء مسافر يطا، أيقونة النضال على أرض فلسطين المقدسة.


م. غسان جابر (قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)

شاهد أيضاً

المجلس الوطني: منظمة التحرير أثبتت في كل المحطات أنها القادرة على حفظ حقوق شعبنا

المجلس الوطني في ذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنواصل المسيرة التي خطها شهداؤنا

شفا – قال رئيس المجلس الوطني روحي فتوح، لمناسبة ذكرى اغتيال القادة الشهداء صلاح خلف …