شفا -تشهد محكمة عسكرية، اليوم السبت، توجيه التهم الرسمية لمخططي عمليات الـ11 من سبتمبر في غوانتانامو، فخالد شيخ محمد وأربعة معتقلين آخرين سيحاكمون سوياً بتهمة قتل أكثر من 2900 شخص وسيواجهون عقوبة الإعدام.
والباكستاني خالد شيخ محمد وابن أخته علي عبدالعزيز علي ومعتقلان سعوديان هما وليد بن عطاش ومصطفى الحوساوي ومعتقل يمني هو رمزي بن الشيبه، متهمون بالتخطيط لأكبر عملية إرهابية في تاريخ الولايات المتحدة.
وتشمل التهم التآمر مع تنظيم القاعدة، وقتل المدنيين، واستهداف المباني المدنية، والقتل في مخالفة لقواعد الحرب والخطف والإرهاب. وتحمل وثيقة الادعاء أسماء ضحايا الحادي عشر من سبتمبر واحداً واحداً. ويعد القتل ُفي مخالفةٍ لقوانين الحرب التهم التي يواجهها محمد والذي اعتقل قبل تسعةِ أعوام ونقل في سجون السي آي إيه السرية الى أن وصل الى معتقل غوانتانامو عام 2006.
ومحمد هو واحدٌ من بين ثلاثة معتقلين اعترفت الولاياتُ المتحدة بإخضاعهم للتعذيب عن طريق الإغراق، وقد تم الكشف تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عام 2009 يشير إلى أنه تم إخضاع شيخ محمد للإغراق 183 مرة.
ويقول جوش ماير، وهو مؤلف كتاب جديد بعنوان “البحث عن خالد شيخ محمد”: إن دورَ محمد كان أهم بكثير من دور أسامة بن لادن في التخطيط للعمليات، فـ”لولا خالد شيخ محمد لما حصلت عمليات الحادي عشر من سبتمبر، فما ينساه الناس احياناً أن محمد هو الذي ابتكر خطة استخدام الطائرات كسلاح بناءً على خطة فاشلة في التسعينيات اسمها بوجنكا وأخذ بالخطة لأسامة بن لادن الذي رفضها في البداية إلا أن أقنعه محمد بها لاحقاً، ومن ثم درّب الخاطفين من الألف الى الياء”.
وكان هدف إدارة أوباما محاكمة خالد شيخ محمد والمتهمين الآخرين بالتخطيط لعمليات الحادي عشر من سبتمبر في المحاكم الفيدرالية، أي المدنية، والتي يحاكم فيها الأمريكيون، لكن قراراً سياسياً اتخذه الكونغرس منعهم من ذلك ودفعهم الى إحالة القضية الى المحاكم العسكرية من جديد.
وأراد وزير عدل الإدارة إيريك هولدر محاكمة المعتقلين في نيويورك، موقعِ اكبر الهجمات، لكن بلدية نيويورك رفضت تحمل التكاليف المالية لتأمين الموقع والكونغرس لم يقبل بتوفير المتهمين بالحمايات القانونية في النظام الفيدرالي الذي يمنع استخدامَ الادلةِ المستقاة من مصادر غير مباشرة. ورغم هذا يقول الجنرال مارك مارتنز – وهو كبيرُ المدعين في النظام العسكري – إن المحاكمة ستكون عادلة، “لن نستخدم أي تصريحات مستقاة من التعذيب او المعاملة القاسية او المهينة او غير الانسانية. المعيار هو التصريحات الطوعية وهذا إصلاح كبير عن قانون المحاكم العسكرية السابق”.
فهذه ليست أول مرة يتم فيها توجيه التهم لخالد شيخ محمد والمتآمرين الآخرين، حيث قامت إدارة بوش عام 2008 بتوجيه تهم مشابهة في نفس المحكمة العسكرية في غوانتانامو ولكن تحت قواعد مختلفة كانت أكثر مرونة فيما يتعلق باستخدام الدلائل الناتجة عن “المعاملة القاسية”، كما كانت إدارة بوش تسمي وسائل الاستجواب.
وفي تلك الجلسة قال خالد شيخ محمد إنه يريد الاعتراف بدوره بالعمليات وبذنبه وإنه يريد أن يحقق “الشهادة” كما قال. ولا يعرف بعد ان كان محمد سيقرر الاعتراف بذنبه في جلسة المحكمة يوم السبت.
وسؤال آخر لم تعرف إجابته بعد ألا وهو سبب عدم توجيه وزارة الدفاع تهمة قتل الصحافي الامريكي دانييل بيرل ضد خالد شيخ محمد والذي أعلن بفخر عن أنه “ذبح” بيرل بيديه “المباركة”، كما قال في اعتراف مسجل أُخذ في غوانتانامو، أيضا لا يزال من غير الوضح إن كان المتهمون سيقبلون بالتمثيل القانوني الذي توفره المحكمة.
وستتركز الأنظار على خالد شيخ محمد والذي لا يعرف بهدوئه ولا بتواضعه، فهو لا يلتزم ببروتوكول المحكمة في العادة. فخلال الجلسة السابقة عام 2008 قام شيخ محمد بتجويد القرآن، وإلقاء المحاضرات الطويلة عن ما يسميه “الجهاد”، كما طالب الفنانة التي ترسم مشاهد المحكمة بتصغير أنفه في الصورة “انظري الى أنفي في الصور وعدليه”، قال شيخ محمد للفنانة جانيت هاملين.
ويرى المراقبون أن الدلائل في قضية محمد كبيرة وشاملة لدرجة لا يشك فيها بذنبه، حتى لو أهملت المحكمةُ جميعَ تصريحاته المتكررة بأنه المخطط. السؤال هو إن كانت إدارة أوباما، او أي إدارة أمريكية لاحقة، ستقوم بإعدام محمد وتحقيق أمنيته بالشهادة” كما يقول، ام كانت ستقرر سجنه لغاية موته.
وتقول المحامية أندريا براساو، التي مثلت معتقلاً سابقاً في غوانتانامو وتعمل حالياً في مركز مراقبة حقوق الانسان، إن تأجيل محاكمة محمد كل هذه السنوات غير عادل. وأضافت أنها كانت تأمل أن تتم محاكمة المتهمين في النظام المدني وتشير إلى أن المحاكم العسكرية لن تكون شفافة “إن أراد خالد شيخ محمد أن يتحدث لهيئة المحلفين عن التعذيب الذي تعرض له فلن يستطيع أن يقوم بذلك في جلسة مفتوحة”.
لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع اللوفتينيت كولونيل تود برازيل يقول: “المعلومات السرية هي سرية بغض النظر عن نوع المحاكم التي تتم فيها المحاكمة”.
المحاكمات العسكرية، والتي تجرى منذ عام 2004 مفتوحة للصحافيين الذين يستطيعون متابعتها إما من خلال الذهاب الى القاعدة العسكرية في غوانتانامو، كما تفعل “العربية” في العادة، أو من خلال دائرة تلفزيونية مغلقة في قاعدة فورت ميد العسكرية قرب العاصمة واشنطن.
وقاعة فورت ميد مفتوحة للعامة أيضاً، وستتم زيادة عدد قاعات المشاهدة لهذه المحاكمة الى ثمانية لتشمل قاعدات عسكرية في نيويورك، ويتم نشر سجل المحكمة خلال 24 ساعة من الجلسة، الأمر الذي يزيد من شفافية المحاكمات كما تقول وزارة الدفاع. لكن حتى الصحافيين الموجودون في المحكمة يتابعون الجلسات عبر زجاج عازل للصوت وبتأخير يبلغ 40 ثانية وذلك من أجل السماح للمراقبين بمحو أي معلومات سرية يتفوّه بها المعتقلون أو المحامون. المعلومات السرية، كما تصنفها الحكومة، قد تكون تفاصيل عن وسائل التعذيب التي تعرض لها المعتقلون، أو مواقع سجون السي آي إيه السرية حول العالم التي قد يكون المعتقلون قد نقلوا إليها. سيحضر الجلسة أيضاً مجموعة من عائلات ضحايا الحادي عشر من سبتمبر.