السلطة الوطنية الفلسطينية ، حق مشروع لحماية الوحدة الوطنية ، بقلم : محمود جودت محمود قبها
في خضم الصراع الطويل والمرير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني يتصدر الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي الأولويات الوطنية ولأن الإعلام يشكل سلاحاً ذا حدين فإن قرارات تنظيمه تقع ضمن المسؤوليات الجسيمة للسلطة الوطنية الفلسطينية التي تسعى جاهدةً للحفاظ على أبناء شعبها من التضليل والانزلاق نحو الفوضى وجاء قرار وقف عمل قناة الجزيرة القطرية في الأراضي الفلسطينية كخطوة حتمية لحماية السيادة الوطنية وصون الوحدة من خطاب يُحرض على الانقسام ويتجاوز حدود المهنية الإعلامية.
السلطة الفلسطينية: بين المسؤولية الوطنية والتحديات الكبرى
منذ تأسيسها تحملت السلطة الوطنية الفلسطينية عبء إدارة الأراضي الفلسطينية في ظل احتلال يُحاصر الشعب ويُصعّب من أبسط مقومات الحياة اليومية ومع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في غزة وشمال الضفة الغربية وجدت السلطة نفسها أمام تحديات تتطلب مواقف حاسمة فبينما تعمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية ليلاً ونهاراً على حماية المواطنين وتقديم الخدمات رغم الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة ظهرت أصوات إعلامية تُثير الفتن وتُضلل الرأي العام مما يستوجب وقفة حازمة.
قرار إغلاق مكاتب الجزيرة ليس استهدافاً لحرية الصحافة كما يدّعي البعض بل هو خطوة ضرورية لحماية شعبنا من خطاب يُسهم في تفتيت النسيج الوطني عندما تُضخم القناة إمكانات الشعب الفلسطيني عبر تقارير محللين عسكريين يُعطون انطباعاً زائفاً بالندية مع جيش الاحتلال فإنها تُعرض أبناءنا للخطر وتُشتت الجهود الرامية لتحقيق سلام حقيقي.
أين الانتقادات للقاتل الحقيقي؟
للمنتقدين لقرار السلطة نسأل : لماذا لا تُوجهون سهام نقدكم إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل أبناءنا في غزة والضفة بلا هوادة؟ لماذا لا تُحمّلون المسؤولية لحركة حماس التي حولت غزة إلى ساحة خراب وجلبت لشعبنا الدمار من خلال سياساتها غير المسؤولة؟ إن توجيه الاتهامات للسلطة التي تحاول بشتى السبل حماية شعبنا وإدارة شؤونهم هو انحراف عن الحقائق وتشويه للواقع.
حماس بتبنيها أجندات خارجية تُغذي الانقسام الداخلي لم تجلب لغزة سوى الحصار والدمار ومن هنا فإن السلطة الوطنية الفلسطينية تعمل من أجل وحدة الشعب الفلسطيني بعيداً عن الخطابات المفرقة والأجندات الخارجية التي تسعى لزرع الفتن إن السرطان الإيراني الذي يزحف إلى عقول شبابنا وأطفالنا محاولاً زعزعة استقرار المنطقة هو خطر لا يُمكن التغاضي عنه وهو ما يتطلب من السلطة وقفة صلبة لحماية شعبنا من هذا الخطر الداهم.
سيادة القانون هي الحل
الحرية الإعلامية ليست مرادفاً لنشر الفوضى أو بث الفتن. فالصحافة التي تدّعي المصداقية والمهنية يجب أن تلتزم بالحقائق وأخلاقيات المهنة لا أن تُصبح أداة لتأجيج الصراعات الداخلية وتضليل الرأي العام السلطة الفلسطينية بحكم مسؤولياتها تملك الحق الكامل في اتخاذ القرارات التي تراها مناسبة للحفاظ على سيادة القانون وحماية شعبها من الأكاذيب التي تُزرع بين صفوفهم.
إغلاق مكاتب الجزيرة في فلسطين ليس قمعاً لحرية الرأي بل هو دفاع عن كياننا الوطني ووحدتنا الاجتماعية وكل من ينتقد هذا القرار عليه أن يتذكر أن السلطة هي الحصن الأخير الذي يقف في وجه الاحتلال والانقسام دعوا السلطة تقوم بعملها دون التشكيك أو المزايدة فالشعب الفلسطيني بحاجة إلى حلول حقيقية تُنقذه من دوامة الصراعات لا إلى شعارات كاذبة وانتقادات سطحية.
نريد سلاماً وأمناً لا شعارات فارغة
إن الشعب الفلسطيني لا يُريد المزيد من الشعارات الرنانة أو الخطابات الإعلامية التي تُغرقه في أحلام زائفة نحن بحاجة إلى سلام حقيقي وأمن مستدام حلول تُخرجنا من نفق الحروب والصراعات وتُعيد لنا كرامتنا وحريتنا والسلطة الفلسطينية بما تتحمله من مسؤوليات جسيمة تعمل جاهدة لتحقيق ذلك رغم العقبات الهائلة.
في النهاية لا بقاء للوطن دون وحدة ولا أمان لشعبنا دون سيادة القانون وكل من يحاول تفتيت هذه الوحدة سواء عبر الإعلام أو الأجندات الخارجية لا مكان له بيننا فالسلطة الوطنية الفلسطينية ستبقى الدرع الذي يحمي هذا الشعب مهما تعالت أصوات النقد والاعتراض.
باحث في درجة الدكتوراه في العلوم السياسية