1:18 مساءً / 6 يناير، 2025
آخر الاخبار

مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية خلال إدارة ترامب المقبلة وتأثيرها على الدول العربية ، بقلم : دكتورة حنان اتهاميك

حنان اتهاميك

مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية خلال إدارة ترامب المقبلة وتأثيرها على الدول العربية ، بقلم : دكتورة حنان اتهاميك

مع عودة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض في يناير 2025، يستعد العالم لمتابعة تطورات هامة في العلاقات الصينية الأمريكية التي شهدت تغييرات دراماتيكية خلال فترة رئاسته الأولى. هذه العودة قد تفتح فصلاً جديداً من التوترات والصراعات الاقتصادية والجيوسياسية بين أكبر اقتصادين في العالم. يثير ذلك تساؤلات حول كيف ستتأثر المنطقة العربية بهذه العلاقات، التي تعد في غاية الأهمية بالنسبة للاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية للعديد من الدول العربية.

منذ توليه الرئاسة في 2017، اعتمد ترامب على سياسة “أمريكا أولاً”، التي كانت تهدف إلى إعادة هيكلة التجارة الدولية وتقليص العجز التجاري مع الصين. شهدت هذه السياسة تصاعدًا في الحروب التجارية بين الصين وأمريكا، مع فرض رسوم جمركية ضخمة على السلع الصينية. ولكن مع مجيء إدارة ترامب الجديدة في 2025، يمكننا أن نتوقع استمرار هذه السياسة مع بعض التعديلات التي قد تستهدف مجالات جديدة من التعاون والصراع بين البلدين.

من المتوقع أن تستمر إدارة ترامب في استخدام الأدوات الاقتصادية، مثل الرسوم الجمركية والعقوبات الاقتصادية، للضغط على الصين. خصوصًا في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات، حيث تظل الصين في مواجهة تحديات كبيرة مع الولايات المتحدة في ظل المنافسة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والشبكات 5G، والشرائح الإلكترونية. كما يمكن أن تشهد العلاقات الصينية الأمريكية تصعيدًا في القضايا الجيوسياسية، مثل الوضع في بحر الصين الجنوبي، وتايوان، والموقف من كوريا الشمالية. ترامب قد يعزز من تحالفاته في المحيط الهادئ لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد.

السياسة الأمريكية تجاه الشركات الصينية، مثل “هواوي” و”تيك توك”، لن تتغير كثيرًا. من المحتمل أن تستمر إدارة ترامب في استخدام هذه الشركات كأداة للضغط على بكين، وخاصة في ظل التقدم السريع للصين في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. على الرغم من التوترات الاقتصادية، قد تستمر بعض مجالات التعاون مثل قضايا المناخ، حيث أن الصين والولايات المتحدة هما أكبر مصدرين لانبعاثات الكربون في العالم، وقد تسعى إدارة ترامب إلى التنسيق مع الصين بشأن الحد من التأثيرات البيئية السلبية.

الدول العربية تعتبر منطقة استراتيجية نظرًا لموقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية، مثل النفط والغاز، وهي في مركز الصراع بين القوى العظمى. إذن، فإن تفاعلات العلاقات الصينية الأمريكية سيكون لها تأثير بالغ على هذه الدول في جوانب اقتصادية، سياسية وأمنية. بالنسبة للنفط وأسواق الطاقة، العلاقات الصينية الأمريكية قد تؤثر على أسعار النفط العالمية، وهي مسألة محورية بالنسبة للدول العربية. في حال استمرت الحرب التجارية وتصاعد التوترات الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم، فإن ذلك قد يؤدي إلى تقلبات في أسواق النفط. قد تجد الدول العربية نفسها في مواجهة تحديات في تلبية احتياجات السوق العالمية للطاقة في حال تراجع الطلب نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

من جهة أخرى، فإن الصين تُعد واحدة من أكبر مستهلكي النفط، وهذا يوفر فرصًا للدول العربية في تعزيز صادراتها إلى الصين. بعض الدول العربية، مثل السعودية والإمارات، قد تسعى إلى زيادة صادراتها النفطية إلى الصين، مما يعزز علاقتها مع بكين بشكل أكبر.

الصين هي واحدة من أكبر المستثمرين في المنطقة العربية، ولا سيما في المشاريع الكبرى مثل البنية التحتية، السكك الحديدية، وتطوير الموانئ. مع استمرار النزاع بين الصين والولايات المتحدة، قد تواجه بعض الدول العربية صعوبة في اتخاذ قرارات بشأن مشروعات البنية التحتية التي تشمل استثمارات صينية كبيرة، خاصةً في حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركات الصينية العاملة في المنطقة.

قد تدفع التوترات بين الصين والولايات المتحدة بعض الدول العربية إلى إعادة النظر في علاقاتها الاستراتيجية. بينما تحافظ معظم الدول العربية على علاقات قوية مع الولايات المتحدة، فإن بعضها قد ينتهز الفرصة لتوسيع شراكاته مع الصين. مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية والربط بين آسيا وأوروبا عبر أفريقيا، أصبحت أداة قوية للصين لتعزيز نفوذها في المنطقة العربية.

تعتبر التكنولوجيا أحد العوامل الرئيسية التي ستؤثر على العلاقات بين الصين والدول العربية. في حال استمرت الولايات المتحدة في الضغط على الشركات الصينية مثل “هواوي” و”تيك توك”، فإن الدول العربية التي تعتمد على هذه الشركات في تحديث شبكات الاتصالات الخاصة بها قد تجد نفسها في موقف صعب. من ناحية أخرى، قد تستفيد بعض الدول من التوجهات الصينية نحو التكنولوجيا الرقمية في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة.

إدارة ترامب المقبلة من المرجح أن تؤدي إلى استمرار التصعيد في العلاقات الصينية الأمريكية، مما سيعكس تأثيرًا بالغًا على الدول العربية. قد يشهد العالم في السنوات القادمة تطورات غير متوقعة في مجالات التجارة الدولية، والاستثمار، والاقتصاد الرقمي. في ظل هذا الوضع، ستكون الدول العربية أمام تحديات كبيرة في موازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة والصين، وفي محاولة للاستفادة من النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي لكل من القوتين العظميين.

بالتوازي مع ذلك، ستستمر المنطقة العربية في محاولة الحفاظ على استقرارها الاقتصادي والسياسي في ظل هذه التحولات، مما سيجعلها في قلب الصراع الجيوسياسي العالمي بين الصين والولايات المتحدة.

شاهد أيضاً

قوات الاحتلال تعتقل 20 مواطنا من الضفة الغربية بينهم طفلان

قوات الاحتلال تعتقل 20 مواطنا من الضفة الغربية بينهم طفلان

شفا – اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ مساء أمس، وحتّى صباح اليوم الاثنين، 20 مواطنا …