9:49 مساءً / 5 يناير، 2025
آخر الاخبار

الإنسانية والمثلث المقلوب ، بقلم : بديعة النعيمي

الإنسانية والمثلث المقلوب ، بقلم : بديعة النعيمي

الإنسانية والمثلث المقلوب ، بقلم : بديعة النعيمي

لولا أن النظام العالمي اليوم مثلث مقلوب، يقبع العالم كله في رأسه، ويمثل طرفا قاعدته الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، لما كانت غزة قد وصلت إلى ما وصلت إليه من إبادة وعربدة من جيش النووي الذي يستقوي على أطفالها ونسائها وعُجّزها، بجنود غيره وأسلحة غيره أيضا من العالم الذي يسمي نفسه متحضرا.

فلولا وضع المثلث لما انتُهكت الإنسانية في عالمنا، فمن العراق إلى اليمن إلى ليبيا وغيرها. ولكن غزة حالة خاصة جدا. فهي المدينة الصغيرة بمساحتها، المكتظة أكثر من أي مكان على وجه الأرض. المحاصرة من كل حدب وصوب، الوحيدة التي قُصف كل شيء فيها من بشر وشجر وحجر. غزة التي بصبرها بدأت الحالة النمطية للمثلث المقلوب بالتزعزع.
فهل ستكون هذه المدينة تحمل لنا أول البشارات بقلب هذا النظام؟.

لقد بدأ ابتلاء العالم الحقيقي يوم خرجت الولايات المتحدة الأمريكية كأقوى دولة على وجه هذه البسيطة بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت الرأسمالية قد استشرت في جسدها. وكان الشرق الأوسط المكان الذي طالما حلمت بأن يكون لها فيه موضع قدم. حتى أنه كان يتراءى بين عينيها كمغارة علي بابا التي تحوي على ما يسيل له لعاب الطامعين بأكبر كنز في هذا العالم.


لكنها أرادت الحصول على كلمة السر “افتح يا سمسم” لتستولي على المغارة ومحتوياتها من كنوز.
فكانت المشكلة اليهودية التي صنعتها الصهيونية وصادقت عليها بريطانيا وغيرها هي كلمة السر التي ظلت الولايات المتحدة تسعى للحصول عليها، حتى استطاعت سحبها من بريطانيا العجوز والاستئثار بها.

وعندما قامت دولة الاحتلال، وجدت في الولايات المتحدة خير معين لها في تحقيق أمانيها من خلال الكنوز التي تغص بها مغارة الشرق الأوسط. فتطابقت المصالح، أو بالأحرى الاستغلال المتبادل لتلك المغارة.

فاستخدمت دولة الاحتلال -عندما حصلت على مرادها بالاستيلاء على ما ليس لها- أسطورة “الهولوكوست” للضغط السياسي على شريكتها للحصول على مساعدات مفتوحة من بينها الأسلحة الفتاكة المتطورة. وتمت الصفقة بنجاح إلى يومنا هذا فاتخذ كل حليف منهما طرف من قاعدة المثلث بينما انحسر العالم برأسه وانقلب على نفسه، بعد أن بدأت مغارة علي بابا تفيض بمحتوياتها الثمينة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية الرأسمالية ،فتضخم رأسها وتبعه رأس دولة الاحتلال بالتضخم أيضا. الأولى تصنّع الأسلحة والثانية تجربها على بلادنا العربية بحجة ضمان أمنها. حتى أضحت منطقتنا أكبر حقل لتجاربهم اللاإنسانية في التاريخ البشري، وخاصة على غزة المنكوبة.

ولم يبقى سلاح لم يُجرّب عليها. وارتكب جيش الشتات ما لم يرتكبه جيش في العالم. فحاصرت وجوعت وقتلت وأحرقت المستشفيات، وكان آخرها مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع، واعتقلت عدد من النازحين الذين كانوا فيه وكادره الطبي وعلى رأسهم طبيب الإنسانية حسام أبو صفية ونكلت به مع باقي الأسرى كما أخبر من تم الإفراج عنهم فيما بعد.

كل هذا أمام العالم. والسبب الوضعية الخاطئة للمثلث. فحتى الأمم المتحدة صامتة، ولا غرابة لمنظمة أُنشئت لأجل دولة الاحتلال، ولا غرابة أيضا أن تكون منظمة كهذه صامتة لأن الولايات المتحدة هي التي تسيطر عليها وبالتالي على قراراتها.


فالأمم المتحدة تكذب حينما تدين وتستنكر والمحاكم التي تسمى بمحاكم العدل الدولية أيضا تكذب حينما تتوعد دولة الشتات بالعقوبات. وعقوباتها الحقيقية أوغرت في أجساد أطفال غزة وأهلها جميعا، أوغرت فيهم جوعا وبردا وموتا وفقدا. فالطائرات تقصف والدبابات والمسيّرات والروبوتات أيضا، والمطر يغرق والريح تعصف بالخيام الواهنة التي لا تقي حرا ولا بردا ولا مطرا والتي تبعث بها الدول العربية لأهل غزة.

خيم أثبتت أن المطر أقوى منها حين قوضها أرضا. والريح أثبتت وهنها حينما اقتلعتها من أرضها. فأين يذهب ساكنوها الذين غرقوا وغرقت معهم فرشاتهم البالية وأغطيتهم ليلا؟ أين يذهبون أيتها الأنظمة العربية.

أين يذهبون ودولة الظلم تعربد وتنتهك ما لم ينتهكه جبابرة الأرض على مر التاريخ. أين المفر والعالم صامت يدعي الصمم والخرس؟


أين المفر من وحش يلتهم كل يوم جزءا من غزة ويعتاش على دماء أطفالها؟ فمتى تزول أمريكا وتأخذ معها ذيلها الصهيوني وينقلب المثلث ويأخذ وضعه الطبيعي؟

شاهد أيضاً

الاحتلال يغلق حاجز جبع العسكري شمال شرق القدس

شفا – أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، حاجز جبع العسكري شمال شرق القدس، …