تداخل النظام الاجتماعي والتحرري في المجتمعات العربية ، بقلم : فادي البرغوثي
كما هو معروف ان المجتمع الغربي على وجه التحديد يختلف عن المجتمع العربي ما جعل البعض القول انه يوجد اشياء غريبة بين المجتمع الغربي والغربي ما يعني انه ليس شرطا ان يكون كل ما مر في المجتمع الأوروبي تطبيقه على مجتمعاتنا مثل الدولة أو الحزب حتى انه وصل الأمر إلى تبرير الدكتاتورية بان الديمقراطية لا تصلح لشعوبنا.
بالأمس عاودت قراءة روميو وجولييت رائعة الكاتب الكبير وليم شكسبير وهي قصة الحب الشهيرة التي اودت بحياة كلاهما في النهاية حيث تدور أحداث القصة باختصار على قبيلتين كل قبيلة تعتبر عدوة للقبيلة الأخرى من سوء حظ روميو وجولييت ان كل واحد فيهم ابن للقبيلة ما جعل القبلتين تعارض زواجهما إلى أن انتهى إلى موت الحبيبين
ما يهمني هنا بان العشائر لا تختصر على المجتمع العربي فحسب بل انها كانت جزء من تركيبة المجتمع الأوروبي بدليل ان شكسبير أوردها في روايته.
ولما كان الأدب هو انعكاس وصورة للمشاكل المجتمع حاول شكسبير ان يظهر العائلية والقبيلة كمشكلة اجتماعية تقف أمام الحب والطموح وهو تماما مثلما يحدث في المجتمعات العربية بقانون القبيلة الذي يفوق القوانين المدنية في أمور كثيرة.
لقد حاولت الانظمة السياسية الاستبدادية ان تستفيد من القبيلة وتعطل الحياة المدنية و الديمقراطية بحجة ان مجتمعاتنا متخلفة وان الحرية والديمقراطية تحتاج لوقت طويل حتى يتم استيعابها في تعطيل متعمد للحياة المدنية والديمقراطية وتبقى في الحكم كما ان قانون العشائر نفسه هو بحد ذاته متصالح مع أي نظام سياسي بغض النظر عن طبيعته ببساطة لان قانونه لا يختص في محاربة الفساد للسلطة الحاكمة ولا في تغيرها بل يهتم في امتيازات القبيلة اكثر من مشاكل السلطة والتي يحاول ان يستفيد من طبيعتها في توظيف أبنائه واعطاهم مناصب حتى ان هذه المناصب لا تخضع للرقابة فهي جزء من اتفاق بين القبيلة والسلطة.
هذا يجعل السلطة في دول العالم الثالث تحارب الاحزاب السياسية وتعزز القبيلة ذلك ان الحزب يكون هو بمثابة الحراك للكرسي الذي يكون تحت الحاكم ذلك انه يحمل وجهة نظر متكاملة في طبيعة الحكم لكن ليس بالاستيلاء على السلطة لتكون بين يديه للأبد كما حدث في سوريا على سبيل المثال والذي حاول تركيب المجتمع حسب مصالحة وعزز العائلية والطائفية لدرجة انه نفسه أصبح نظام ملكي بعباءة الجمهورية .
على ذلك أردت أن اقول ليس صحيحا ان مجتمعاتنا متخلفة بل انها واجهت كثير من الحواجز التي تمنعها من النهوض … منها الانظمة نفسها التي تريد ان تبقى في الحكم ومنها الاستعمار الذي تحالف مع الانظمة التي توفر له اطماعه دون تكلفة فهي وكيل لا اكثر ولا اقل ضمن اتفاق بين الطرفين (تأمين النظام مقابل تأمين المصالح ) بل ان مصالح افراد النظام تنبع من الدول الاستعمارية والعلاقة معها.
هذا الوضع يشكل تحديات كبيرة أمام الشعوب العربية التي أرى فبها تداخل بين العمل السياسي والاجتماعي فلا يمكن أن يحدث تطورا اجتماعيا دون تطور سياسي والعكس صحيح فإن المطلوب من التغيير السياسي ان ينشأ أحزاب سياسية تضع أهدافها في تغيير المجتمع وتطوره في إطار عملية التغيير الشامل