12:59 صباحًا / 4 يناير، 2025
آخر الاخبار

لنمتلك شجاعة الأعتذار حتى نَجِد لأنفُسنا مكاناً تحت الشمس ، بقلم : مروان أميل طوباسي

لنمتلك شجاعة الأعتذار حتى نَجِد لأنفُسنا مكاناً تحت الشمس ، بقلم : مروان أميل طوباسي

في وقت بقي الدم الفلسطيني دماً مسفوحا حتى اليوم منذ مر السنين لأن هنالك من ابتلى شعبنا الا أن يقتل يوميا وبشتى الطرق والأساليب ، تختلف الوسائل بها وتبقى النتيجة واحدة في محاولات ما تسعى له الحركة العنصرية الصهيونية التي لا تقبل الغير في هذا العالم الذي يفترض به ان يكون حراً ، فبقي متفرجاً بل وبجزء منه مشاركاً ، حتى أضحت المحارق في غزة اليوم وكأنها عملاً لم يعد جريمة أستثنائية وحشية او حتى لا تعنينا ، لأنهم اشغلوا مجتمعاتنا بالمشرق العربي بأختلاق أسس الفوضى بعد الإستعمار التي باتت تأخذنا الى مشاهدة الغزوات وجحيم الحياة كما يريدون لنا ونحن قبائل متقاتلين ومتفرجين على ما يُخطط ويُنفذ لنا وبأدوار البعض من تلك القبائل التي آن لها ان تعتذر لشعبنا الذي يستحق الحياة .

يقول راحلنا الكبير محمود درويش ، نصير شعباً عندما ننسى ما تقوله لنا القبيلة . بالمجتمعات العربية فشلنا في العقود الأخيرة بخلق إنسانٍ يُفكر يعي معنى الوطنية والمواطنة والدولة المدنية الديمقراطية ، فقد تَشكل لدينا جمهور ، جمهور مُصفق وجمهور لاعن ، يُصفق مرة ويلعَن مرة أخرى ، لكنه لا يُفكر لانه ملتزم بما تقوله القبيلة.

ان ذلك نتاج عقلية القطيع التي حاول وما زال يحاول فرضها من يعتقدون أن اللٌه لم يهدي سواهم أو من الذين يعتقدون انهم يمتلكون الحقيقة والمعرفة وحدهم دون غيرهم ، فلم يسمحوا بمبادرات نقدية تحت سطوة تُهم التكفير او أمتلاك الأجندات الخارجية . انها العقلية المبرمجة التي تُمرِر ما يُخطط المُستعمِر له وتؤخر التطور الأنساني وتعيق الفكر النقدي والبحث عن الأفضل . هي نموذج من محاولات فرض الفكر الظلامي والشمولي الأحادي ومحاربة التعددية ومنع مبادرات استقلال وحرية التفكير وصولاً لما هو أجمل وأفضل بالحياة . فكُنا أن وصلنا الى ما نحن عليه الآن في مجتمعاتنا من أوضاع تُسهل اخضاعنا والسيطرة علينا بما يؤخر نهوضنا وحرياتنا وتقدمنا ويُمكن من أستدامة أستعمارُنا بمسميات مختلفة . فمتى ننهض بعيداً عن مسميات ابناء القبيلة وما تقوله لنا والجمهور التابع ، لنصير شعباً يحس بالأنتماء والأرتباط والتواصل والعطاء الإبداعي في أوطان يجب ان لا نشعر بالأغتراب فيها وحتى يتجسد بها ما قاله أبو الوطنية الفلسطينية أبا عمار لنعيش في وطن حُر لشعب من الأحرار .

وحتى لا تسود فكرة ان تَبقى هنالك أغلبية صامتة تُراقب ما يَجري دُون تعليق وحتى لا نبقى موتى ولكي نجد لنا مكانا على هذه الارض تحت الشمس كما غيرنا من الشعوب وجدت ، هنالك حاجة لأعادة قراءة ما كتبه فرانتز فانون وجان بول سارتر وآخرين ، فيمكن لذلك أن يُفسر بعض ما يَحصل في مُجتمعاتنا من ظواهر لها علاقة بما يتركهُ المُستعمِر علينا كشعوب ما زالت مُستَعمَرة من آثار نعكسها كشعوب في ضعف أداء البعض منا أو في علاقاتنا بين بعضنا البعض أو في فِهمنا للأمور لتكون نتائجها أو اَثارها عوامل تؤدي لأستمرار اِخضاعنا وعدم تَقدُمنا في مسيرة الكفاح الوطني الديمقراطي بمكوناته الفكرية والسياسية والأجتماعية .

واليوم وفي نهاية عام مضى ، لا اجد كلاما سوى الاعتذار عن نفسي ، وان اقول لشعبنا في غزة ، سامحونا إن خانتنا قوتنا ، بل وربما إرادتنا . سامحونا إن ظل العجز سيد موقفنا تحت مبرر أحتكار الحقيقة او دون مبرر منطقي مقبول . فغزة ليست جرحاً غريباً ، بل هي جزء منّا ومن جراحنا نحن .


لكننا ، وان كنا نحن الذين خذلناها أمام وحشية وبطش المُحتل وجرائم الإبادة والاقتلاع فيها ، وأمام من تاجر بأسم اللّه وبأسم الدين ليبرر الظلم وليدّعي أن قهرها أنتصار وأن جراح شعبنا فيها طريق لتحقيق الغايات ، فليكن أعتذارنا كفاحاً وطنيا مقاوماً مستمراً عقلانياً وواقعياً بحكم الظرف والزمان والمكان ، وبروحٍ تتسع للشراكة في اتخاذ القرار تحت مظلة منظمة التحرير التي تحتاج منا الكثير للحفاظ عليها وإحياء دورها وتطوير ادائها . حتى نتمكن من ان نحمي أنفسنا وشعبنا من مزيد من الجراح ومن فرض الهزائم علينا مرة بعد أخرى . فالنصر لا يأتي إلا بمراجعة النفس ونقد الذات وتصحيح المسار ، وبالوحدة قانون الأنتصار التي تجمع شتاتنا وتوحد صفوفنا ، حتى نحقق الحرية لشعبنا والكرامة لوطننا ، بعزيمة متجددة وإرادة لا تنكسر امام أعداء الحياة ، لان شعبنا هو من يستحق العدالة والحرية والحياة في وطن واحد لا نملك سواه ، وكل عام والأمل يتجدد فينا بأن اجمل الأيام هي التي لم نعيشها بعد .

شاهد أيضاً

شهيد و9 إصابات خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة

شفا – استشهد فتى وأصيب 9 مواطنين، بينهم 4 بجروح خطيرة، خلال اقتحام قوات الاحتلال …