تشنّجات المقاومة والعقل! بقلم : بكر أبوبكر
الكاتب التقدمي اليساري “جدعون ليفي” كتب في صحيفة “هآرتس” يقول:”لم تعد هناك حرب في غزة، فقط قتل وتدمير من جانب واحد، الذي بين حين وآخر يتم خرقه ببعض التشنجات الأخيرة للمقاومة. ولكن عندما يكون الهدف هو التطهير العرقي والإبادة الجماعية فإن العمل لا يتوقف للحظة. فهو يبرر كل الوسائل”.
وبعد أن يشبّه ما يحصل بنكبة 1948 يضيف أنه: “بعد 14 شهرًا على القتل والتدمير الهستيري فإنه لم يبقَ أي “بُنى إرهابية” في مستشفى كمال عدوان، ببساطة لأنه لم يبقَ أي بُنى تحتية سواء للإرهاب او للحياة، في شمال القطاع”.
وكتب “ديمتري شومسكي” في “هآرتس”-اليسارية أيضًا ليقول: أن “رؤية “حماس” الانتحارية الشاذة التي في مركزها يوجد محو الوجود السياسي اليهودي بين البحر والنهر أنزلت على الشعب الفلسطيني كارثة وطنية بحجم النكبة. وشبيهًا بذلك أيضًا حرب الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي في القطاع يتوقع أن تدهور المشروع الوطني الصهيوني نحو الهاوية”.
وهذا الكاتبان الإسرائيليان من المناهضين لحكومة “نتنياهو” والداعين لوقف الحرب، وبما أن الرأي العام العربي ومنه الفلسطيني العاطفي المتهيّج لا يستضيء بنور العقل، فمن المتوقع أن تظل الشعارات الرنانة تخرق دماغه.
قناة الفتنة الصهيو-أمريكية المتدثرة بلباس المقاومة -أو”تشنجات المقاومة” وفق “جدعون ليفي”- كذبًا وتدليسًا، لا تكف عن تأدية دورها بتلميع “التشنجات”! التي تعني سقوط الفصيل بالواقع القائم على الأرض. وبالزغردة والتهليل لأزهاق أكبرعدد ممكن من أرواح الشعب الفلسطيني في غزة المكلومة!
غزة كانت واستمرت مكلومة بقيادتها “الحمساوية” بالقطاع لقصر نظرها، وتأخر فهمها، وعدم قدرتها على رؤية المتغيرات الداهمة واستخلاص العبر، وهي التي لم تفهم قط معنى الجولات أو نقد الذات. والى ذلك فإن القائد الفاسد أو المتقوقع في بوتقة عقله الحزبي الاقصائي،لا يهمه -ولا قناة الفتنة- عدد الضحايا الأبرياء، ما دامت الشاشات تضيء بعناوين جاذبة، وما دام هو يتنعم في البعيد مغمضًا عينيه عن المعاناة الفظيعة لأهل فلسطين بغزة والقطاع.
(إضاءة: انتهت “وحدة الساحات” وتفرق الممانعون، وتقطعت أوصال حزب الله وتم تدميره فعليًا كما “حماس” العسكرية، وانكفأت إيران، ودُمّر الجيش السوري واحتل الصهاينة 440 كم مربع جديد-غير الجولان بالطبع- من سوريا، أي أكبر من قطاع غزة 360كم مربع، وهو القطاع الذي يتم تقليص مساحته وعدد سكانه يوميًا بالقوة الصهيونية الفاشية الداهمة!، والضفة تُبتلع، والدولة الفلسطينية بوارد التبخر).
الكاتبان الاسرائيليان وعدد آخر من الكُتّاب الإسرائيليين قد وصف ما يحصل بالنكبة الثانية، وكثير منا أيضًا ككتاب عرب، ولوقفها يطالبون بإنهاء الحرب (العدوان) بأي ثمن.
وما إنهاء الحرب بأي ثمن إلا حين اعتراف من الطرف الضعيف “المتشنج” أن أهدافه العظمى كانت على عكس افتراضاته أو مسلماته، بحيث أن العملية التي هدفت-على الأغلب- لاختطاف بضعة جنود لمبادلتهم، قد تدحرجت لمأساة لا مثيل لها مذبحة وإبادة جماعية و”نكبة” ثانية حقيقية. ومازال المتشنج لا يجروء على نقد ذاته أوالاعتذار لشعبه، وهويتحدث وكأن الضحايا المدنيين الذين لاحول لهم ولا قوة مجرد قرابين فداء لبقاء رأسه على حساب آلاف بل ملايين الرؤوس، وما أدى بالنتيجة لانتقال المنطقة كلها الى حضن الهيمنة الصهيونية الكاملة.