4:15 مساءً / 1 يناير، 2025
آخر الاخبار

” أحياء يرزقون ” بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

"أحياء يرزقون " بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

” أحياء يرزقون ” بقلم : د. تهاني رفعت بشارات


الشهيد الحي زياد الزرعيني


في مساء يوم من أيام آذار الحزين، استيقظت جنين على فاجعةٍ مؤلمة، حيث ارتقى ستة من أبنائها الأبرار في مجزرة دموية ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بدمٍ بارد. بدأت عملية اقتحام المخيم في الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، وبعد الساعة الثالثة كانت الفاجعة قد حلّت ، ونزفت الأرض دماءً طاهرة، وكانت روح الشهيد زياد الزرعيني، الضابط الباسل في جهاز الضابطة الجمركية، تعلو إلى السماء. زياد، ابن التاسعة والعشرين، كان في أوج شبابه، مؤمنًا بعدالة قضيته، ومقاومًا بإصرار لا يتزعزع، ساعيًا إلى الحرية، مصمّمًا على مواجهة الاحتلال دون تردد.

لم يكن زياد مجرد مقاوم عابر، بل كان رمزًا للصمود والتضحية، يواجه الموت بشجاعة الفارس الذي لا يعرف الخوف. أدرك أن حياته ليست ملكًا له وحده، بل هي جزء من نضال يتجاوز حياته الشخصية، نضالٌ من أجل قضية أكبر من الزمان والمكان. ورغم استشهاده، ترك خلفه أثرًا خالدًا في قلوب أحبائه، وحنينًا لا ينتهي.

تعرفت على الأستاذة حنين، شقيقة الشهيد زياد، أثناء سعيي لنشر كتابي “لحن الأمل”. وجدتها تجسيدًا للأدب والاحترام، تحمل في قلبها مزيجًا من الفخر والحزن. ظهرت في العديد من المقابلات التلفزيونية وهي تتحدث عن أخيها الشهيد بحب وحنان، وعيناها تملؤهما دموع الفخر. كانت تقول: “زياد كان أخًا حنونًا، داعمًا لكل من حوله. آخر مرة حدثني قال لي: سأزورك في المكتب، ماذا أحضر لكِ هدية؟”

حتى الدوار الذي حمل اسم الشهيد زياد لم يسلم من بطش الاحتلال، إذ هدموه في إحدى اقتحاماتهم الوحشية، وكأن ذكرى الشهداء ترعبهم. ولكن هيهات أن يمحوا ذكراهم، فهم أحياءٌ عند ربهم يرزقون.

زياد، ذلك الفارس الذي ارتحل، ليس مجرد رقم في سجلات الشهداء؛ هو قصة نضال وحلم وأمل لا يموت. لكل شهيدٍ حياة وأهل وأحلامٌ وآمال، ورغم رحيلهم يبقون أحياءً في قلوبنا، يرزقون بذكراهم الخالدة التي لا يستطيع الزمن أن يطويها.

شاهد أيضاً

النضال الشعبي تثمن جهود رفيقها د. علاء الديك في خدمة بلدة كفر الديك

شفا – ثمنت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني جهود عضو لجنتها المركزية د. علاء الديك في …